الطير المسافر

المثل الشعبي “الحي أبقى من الميت” أضعه في المقدمة مثل ريشة نعام بين سطور المقال، والحديث عن الدجاج لا يخلو من طرافة، اتضح أن الجد في هذه الأمور “لا يودي ولا يجيب”، فلا يحرك ساكناً، لذلك استخدم طريق الخدمة.
بعد إلقاء اللوم على الطيور المهاجرة التي نشف ماء الحياء من مناقيرها فطارت ناقلة أمراضاً مثل “أنفلونزا الطيور” – كما قيل – وطرافة أخبار منشورة عن اعتزام قنص ما يحوم منها حول المزارع المصابة! ما يدل على استراتيجية بعيدة المدى “بعد الشوزن وأم صتمة!”، هناك ما هو أطرف. حديث عن ضلوع الأعلاف، حتى يخيل للمرء أننا نواجه مؤامرة “علفية”! أيضاً الأشجار المحيطة بمزارع الدواجن متهمة بكونها محطات استراحة للطيور المهاجرة الدخيلة. هنا لا أستغرب أن يطالب البعض بقطعها!
أعود للمثل وفي الأمثال مخزون حكمة، بتقديرك عزيزي القارئ من الحي الذي يجب حمايته أولاً: هل هو الإنسان أم الدجاج؟
إذا احتاج الجواب إلى لحظات تفكير فهي مصيبة، وحتى لا أطيل، الموقّع أدناه يبحث عن تطمين رسمي يصرح بمنع صارم لنقل الدجاج الحي من المناطق الموبوءة مع لوحات تعلن ذلك أمام نقاط التفتيش، إذا تم الصمت أو ظهرت استثناءات فإن سؤالاً يحلّق مثل عقاب جائع عن ماهية الحظر. البديهي أن يتم الحظر على المنطقة الموبوءة بكاملها، حتى لو وُجِدت مزارع غير مصابة داخل هذه المنطقة، من باب الوقاية، لأن الحي من البشر أبقى من الميت والمحتمل موته من الدجاج.
قلت أمس وأكرر إنني أعلم وضع “الزراعة” ولا أريد الزيادة، إلا أن في الذكرى نَفْع للمؤمنين، في الصيف الماضي، نشرت “الحياة” نفياً من الجهة المعنية عن حال اشتباه بالفيروس في استراحة بجنوب الرياض، أتساءل: هل كان ذلك النفي دقيقا!؟
إهمال الرقابة الصارمة، منذ زمن بعيد، على أسلوب التخلص من الدجاج النافق والذي باض حتى سقطت أسنانه وشاخ، ليسرح في البرية خفضاً للتكاليف، مع تراخ في متابعة نقله وبيعه بين العمالة أسهم في تفشي المرض ليبرز بهذه الكثافة، وكأنه ينتقل بالغبار! لك أن تسأل عن لجان محلية شُكّلت منذ سنوات وأموال مرصودة: ما حصيلة أعمالها يا ترى؟ ما مقدار الاستفادة والنتيجة أمامنا؟
أولوية البشر مقابل الدجاج تحتم سرعة القرار للوقاية، مثلاً معلوم أن “الشاورما” لا يتم طهيها بشكل كامل، أليس من الأفضل منعها موقتاً؟.
نشرت أخبار عن أصحاب مزارع قاموا بتأجيرها لعمال بأجر معلوم نهاية كل فترة. حلقة من مسلسل “الحق على العمالة!” أراها فرصة لوزارة الزراعة لتبدأ بعملية تصحيح الأوضاع، الذي يؤجر مزرعة “حصل على قرض لإنشائها” على عمالة لا يعلم ماذا تفعل داخل الحظائر. لا يستحقها، لب الكلام محاولة تأكيد أولوية الإنسان على الدجاج.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.