بين سوف و… وقع

عدد من أعضاء مجلس الشورى السعودي امتدحوا خطة أعلنت عنها وزارة الصحة لخفض أسعار 1400 دواء، الخطة “سوف” يبدأ تطبيقها في نهاية شهر محرم المقبل، أعضاء المجلس المحترمون طالبوا بتعميم الخطة “المزمع” البدء في تطبيقها، حسناً… يظهر لي أن المديح والمطالبة بالتعميم شابهما الاستعجال، أليس من الأولى بالإخوة في المجلس الموقر أن ينتظروا التطبيق لنرى حقيقة النفع الذي سيصل للناس، ثم نبدأ في المديح؟ خصوصاً أن “سوف وسيتم” قد امتُص رحيقهما ولم يعد لهما أثر في أفئدة الناس، وهم يذكرون لجاناً قيل إنها ستكافح ارتفاع الأسعار ثم فجأة… “تلاشت”!
 في مقابل هذا الاستعجال هدوء وروية وصبر في قضايا بان عوارها، لم يُعلق الجرس بالرقاب المعنية بها لتُعلن حقيقة المسؤولية وسبل المحاسبة التي “سوف” تتم، من نفوق الإبل إلى أنفلونزا الطيور، ألم يكن الأولى بالأحبة المعنيين من أعضاء مجلسنا الموقر أن يعود بعضهم، مع توافر جهاز السكرتارية وأرشيف تحت القبة، إلى زمن قريب يحكي حلقة مهمة من مسلسل الأوبئة والنفوق، وقبلها ثقوب صحية قديمة متجددة ملّ الناس من تكرار الشكوى منها، بل لم يعد بالإمكان إحصاؤها.
في قضية أنفلونزا الطيور كان الاهتمام الرسمي بها على أعلى مستوى منذ بداية ظهور المرض عالمياً، هذه حقيقة، على سبيل المثال لا الحصر، كانت هناك أوامر منذ عام 1426هـ بتشديد الاهتمام بالوقاية من المرض، مثل منع استيراد الطيور وتوجيه الجمارك بذلك، في بداية عام 1427 للهجرة صدر أمر بتشكيل لجنة من ثماني جهات، ما بين وزارة وهيئة ومصلحة، لوضع خطة متكاملة وإجراءات فعالة وسريعة لمواجهة مرض أنفلونزا الطيور… مع توفير المستلزمات التي تتطلبها معالجة الوضع كافة، وبالفعل، بعد أشهر من الأمر الملكي تم إنجاز خطة وطنية حددت دور كل جهة حكومية، من البلديات إلى الزراعة مروراً بالإعلام، بل إن كل واحدة من هذه الجهات قامت بتحديد حاجاتها المالية للتنفيذ، إذ بلغ المجموع 208 ملايين ريال، ولم يكن هذا هو سقف المتاح مالياً من مجلس الوزراء، بل جرى التأكيد على الجهات بالرفع إذا دعت الحاجة لاعتمادات مالية إضافية! ومن ضمن التوجيه أن تستمر اللجنة المكلفة بتنفيذ الخطة في الانعقاد. نتحدث عن أوائل عام 1427 للهجرة! وبحكم الاختصاص أنيطت إدارة وتنسيق اجتماعات اللجنة بوزارة الزراعة.
لعل الإخوة أعضاء مجلس الشورى الموقر يخبروننا، ولديهم الإمكانات عن أعمال هذه اللجنة، وكم اجتماعاً عقدته، ونتائجها الميدانية. مع هذه المخصصات المالية والاهتمام الكبير لماذا انتشر وباء أنفلونزا الطيور بهذه الصورة؟
إذا كان بعض الإخوة الأعضاء في المجلس الموقر سيتحدثون عن المستقبليات بالمديح، فماذا سيتركون لبعض المسؤولين؟!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.