فكرة ذكية قدّمها، مشكوراً، الأخ الكريم فهد صالح الربدي، تستحق العناية الإيجابية والدراسة من اللجنة المكلفة بتنفيذ قرار دعم بعض السلع الغذائية، ومن فرط ابتهاجي بالفكرة احتفظت بها إلى حين مرور ذروة أيام الحج والعيد، لعلمي أن القراءات الرسمية في الوزارات لما ينشر في الصحف خلال تلك الأيام تكون غالباً في حال سبات.
إذا أراد الإخوة الأعزاء في وزارة المال السعودية ومعهم أعضاء لجنة تطبيق قرار دعم حليب الأطفال، الموقّرين، تحقيق إنجاز مشهود وأهداف كثيرة تتشعب اقتصادياً واجتماعياً وتربوياً، أقترح عليهم القراءة المتأنية لهذه الفكرة، ومن المهم ألا يثني عزمهم الانطباع الأول، الخادع، الذي قد يوحي بصعوبة التطبيق، لأن الأهداف الإيجابية المتحققة أكثر وأعم وأشمل… بل إنها أعمق.
من أسهل الأمور على أعضاء اللجنة المعنية عمل جرد لمستودعات تجار حليب الأطفال، ووضع معادلة حسابية ثم الصرف وترك أمر رقابة الأسعار لجهات نعلم أنها لا تقوم بواجباتها على الوجه المطلوب، ثم ان الأفكار والإجراءات الناجحة ليست بالضرورة هي الأسهل تطبيقاً، بل الأنجع في تحقيق الأهداف المرجوة.
والفكرة تتلخص في دعم الأمهات المرضعات بدلاً من دعم حليب الأطفال المجفف المستورد، قد “يزم” البعض شفتيه أمام هذه الفكرة للوهلة الأولى، خصوصاً ممن تعودوا على الإجراءات السهلة والمعتادة، إلا أن التدقيق بها ومعرفة النتائج الإيجابية المتوقعة لتطبيقها وتعددها تدفع للتأني، أولها تشجيع الأمهات على الرضاعة الطبيعية والفوائد الصحية للطفل والأم معروفة ومعلومة، حتى ان الرضاعة الطبيعية للأم تسهم في تقليل احتمالات الإصابة بسرطانات الثدي وعنق الرحم، والفوائد التربوية من الرضاعة الطبيعية في العلاقة بين الأم والطفل معروفة أيضاً، يضاف إلى هذا فوائد اجتماعية للأسرة السعودية وإعانة غير مباشرة لها، بدلاً من إعانة سلع مستوردة قد تتلاشى بمبررات التضخم وخلافه، أيضاً هذه الأموال ستبقى مفيدة داخل دورة الاقتصاد المحلي، ويُقدِّم الأخ فهد الربدي إحصاءات في رسالته وجدولاً يوضح عدد الرضعات اليومية، ليخلص في النهاية إلى أن الإعانة التي يتوقعها للأم المرضعة قد تصل إلى نحو 6 آلاف ريال طوال فترة الرضاعة المعتادة، والرسالة القصيرة مع البيانات جاهزة للإخوة في اللجنة المعنية. عند العلم بالفكرة يتحدد الاتجاه ليصبح بالإمكان الشروع في الدراسة، ولا ننسى أن الهدف من قرار إعانة حليب الأطفال هو التيسير على الأسرة السعودية، وفي الاتجاه لدعم الأم المرضعة تجاوز لذلك الهدف بمراحل، هي أيضاً ليست من البدائل فقط، بل عودة للأصل والطبيعي، وأشكر الأخ الكريم فهد الربدي، وأجد أن بيروقراطية اللجان في امتحان بين السهل المكرر والأقل سهولة وأكثر فائدة وأنجع في تحقيق الهدف البعيد… النبيل لقرار الإعانة، ولمحبي الأولوية ستكون السعودية أول دولة تدعم الأمهات، بحسب علمي، والفضل في هذا عظيم، والموضوع يستحق أن يعاد طرحه منتظراً رد فعل إيجابي، والله المستعان.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط