لا أخفي على القارئ أنني كنت قلقاً على موسم حج هذا العام 1428هـ. من الأسباب المعروفة، الاستهداف الذي يتعرض له استقرار السعودية من قوى إرهابية متعددة، دول ومجموعات تلبس أردية مختلفة. والمتابع لا بد من يتذكر إن مواسم الحج السابقة كانت فرصة تنتهزها، على سبيل المثال، بعض القيادات السياسية العربية، التي أدمنت الظهور الإعلامي وكاميرات الفضائيات للتشويش على السعوديين، وهم يتحملون أعباء تنظيم الحج. فالحمد لله الذي أشغلهم في أنفسهم. أما الأسباب المستجدة لذلك القلق، فيمكن حصرها في الأوبئة، أنفلونزا الطيور تفشي وباء الكوليرا في العراق وإيران، مع قدوم حجاج كثر من تلك البلاد، إضافة إلى أن معظم الدول التي يفد منها الحجاج هي دول نامية، مستوى الخدمات الصحية فيها منخفض أو اقل من ذلك، قد لا يستطيع الوفاء بالمتطلبات. يمثل بعض هؤلاء مصادر لنقل الأمراض لإخوانهم الحجاج الآخرين، ولعلم من هم خارج السعودية، فإن المستشفيات والمستوصفات في مناطق السعودية المختلفة وقبل موسم الحج بفترة، تزدهر بالتحصينات للوقاية من الأنفلونزا إلى الحمى الشوكية، فإذا وضعت في الذهن، صورة متطرفة، مثل أن هناك حاجّات من خارج السعودية يأتين ليلدن في موسم يصعب على الرجال يمكن لك تخيل الصورة.
ما سبق في كفة ورمي الجمرات في الكفة الأخرى، كل الحجاج لا بد من أن يمرّوا بهذه النقطة الحرجة، هي عنق الزجاجة في الحج، إلا أن هذا الموسم لم يشهد نجاحاً أمنياً وصحياً فقط، بل تجاوز مشكلة جسر الجمرات العصية بمراحل، فشاهدنا الحجاج وهم يرمون الجمرات بيسر وسهولة مكنت مذيعي القنوات الفضائية من الوقوف بجوارهم. وكان التوكيل في الرمي شائعاً، خصوصاً للنساء اللائي يُخشى عليهن من خطر الازدحام، واعتقد أن هذه السنة مكّنت الجميع من الرمي كباراً وصغاراً، كلف مشروع جسر الجمرات الضخم الكثير من المال والجهد، وهو لا يستخدم في السنة سوى لثلاثة أيام فقط، وما ان انتهى الحجاج من الرمي، حتى بدأ آلاف العمال في استكمال مراحل جديدة من المشروع الكبير، كل هذا تيسيراً للحجاج، وهو أمر واجب يحتفي ويفتخر به أهل السعودية قيادة وشعباً، وأختلف مع الذين يكررون أن موسم الحج موسم اقتصادي للموازنة السعودية، لأن رواج السكن وتجارة المواد الغذائية في مكة المكرمة والمدينة المنورة أثناء الحج، لا يقارن على الإطلاق بالمبالغ الضخمة التي تصرف على البنية الأساسية في المشاعر كل عام، في حين لا تستخدم سوى لفترة قصيرة جداً، يمكن لي القول إن السعوديين احتفلوا بعيدين عيد الأضحى المبارك وعيد نجاح باهر لموسم الحج. فالشكر لله تعالى، ثم لكل المخلصين الذين كانوا وراء هذا النجاح.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط