بلاد كل واحد يتدبر أمره بنفسه

ربما يصنف الزعيم الليبي معمر القذافي أنه أكثر الزعماء إثارة. أقول الزعماء استناداً إلى مبادرة سابقة له قال فيها إنه لم يعد رئيساً للجماهيرية العظمى. إذا وصل «قائد» لمثل هذا التواضع يجد من يقدره… أخيراً حصل الزعيم الليبي على منصب أعلى، إذ توج أخيراً ملكاً لملوك أفريقيا. وقال بيان التتويج الذي صدر في ختام «ملتقى» جمع، بدعوة من القذافي، أكثر من مئتي شيخ قبيلة «نعلن مبايعة الأخ القائد معمر القذافي ملكاً لملوك وسلاطين وأمراء وشيوخ وعمد أفريقيا، ويسمى اعتباراً من هذا التاريخ ملك ملوك أفريقيا».  
حتى العمد شملتهم الرعاية. لا يعرف كم هناك من عمدة في أفريقيا أصبح الزعيم القذافي ملكاً عليهم، ربما عددهم يمثل رقماً قياسياً ليدخل الموسوعات. الشمولية توجب عدم الالتفات لمفارقة المستوى. آخر أخبار الزعيم الليبي ملك ملوك وشيوخ أفريقيا هو إعلانه عن إلغاء الوزارات في الجماهيرية، «وكل مواطن يتدبر أمره بنفسه»، وبحسب المبادرة الأخيرة، ستوزع أموال النفط على المواطنين في ليبيا وكل واحد يدبر حاله. بصيرة الزعيم النافذة أنبأته أنه ستحدث فوضى (لم يذكر هل هي من النوع الخلاق؟) خلال العامين الأولين للتجربة الجديدة، لكن «المجتمع سينتظم رويداً رويداً ليتمكن في النهاية من إدارة أموره بنفسه»، كما ُنقل عنه.
بعد أربعين سنة من الإمساك من دون هوادة بزمام السلطة اكتشف الزعيم الليبي أن كل مواطن قادر على أن يدبر حاله عند حصوله على نصيبه من أموال النفط، خلال تلك العقود كانت الوزارات شغل الزعيم الشاغل. استبدلت بأمانات ثم لجان ثورية، ومع كل ذلك التحطيم ظلت باقية. ليس معروفاً هل نتيجة «كل مواطن يدبر حاله»، جاءت من إنجازات الثورة القذافية التي طورت ورعت المواطن الليبي ليتمكن أخيراً بعد أربعة عقود «رعاية» من القدرة على تدبير حاله أم أن السبب هو الفشل؟
الحقيقة أنه لا هذا ولا ذاك، لكن جعبة الزعيم مترعة لا تنفد من المفاجآت، على رغم أنها لم تعد بمستوى الإثارة نفسها السابقة. ملك ملوك أفريقيا اكتشف قبل فريق بوش الابن فوائد الفوضى الخلاقة، لذلك هو لا يتعب ولا يكل ولا يمل من إطلاق المبادرات والإعلانات المخلخلة. الاستراتيجية هي ألا تجعل المجتمع والمؤسسات مستقرة من حولك… لتستقر أنت على رأس الجميع. أعان الله الإخوة في ليبيا على «عدّ الفلوس» وأبعد عنهم اللصوص، خصوصاً أن الأموال ستسلم باليد!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على بلاد كل واحد يتدبر أمره بنفسه

  1. حديجان كتب:

    القذافى يعرف من اين تؤكل الكتف والا لما استمر باقى حوالى 40 سنه حاكما
    يعرف ان الشعارات هى التى تشبع العربي ويعرف ان العربي عنده استعداد لبذل روحه مقابل تلك الشعارات التى لاتسمن ولاتغنى
    لكن اتواقع ان الحراميه فى لبيا اقل من عندنا ولا عندهم حرامية الاسهم والرشاوى
    واعتقد انه يوجد الكثير من المواطنين لديهم ليسو مقترضين ولذلك يكفى ماتبقى من الميزانيه ليجعل المواطن فى ليبيا يحى حياة كريمة بدون اى رسوم او قروض
    او محاولة سرقة راتبه بطرق مختلفه

  2. مواطن كتب:

    احيان يطلع من القذافي شي فيه حكمة لو هو مايقصدها … يعطونهم الفلوس احسن مما يشوفونها تؤكل قدام عينهم ولا يطولونها … مع اني ما اظنه صادق لانه اكبر مهايطي في العالم .. وبعبارة الشييان في نجد ماينشره عليه

التعليقات مغلقة.