تيسير فعل الخير

في شهر رمضان يحرص بعض الإخوة من أهل الخير على صرف زكاة المال لمستحقيها. يخبرني أحد الإخوة عما يتكشف لهم من أوضاع الفقراء والمحتاجين، نساء بالدرجة الأولى. تعوّد الأخ الذي لم يرغب بذكر اسمه الاتصال بأئمة المساجد لمعرفة منازل الفقراء ليقف بنفسه مع رفيقه على أحوالهم ويسمع منهم حاجتهم، جولة تبدأ من بعد صلاة العصر تكشف المستور وحقيقة الحاجات وأن الضمان الاجتماعي بمبالغه الزهيدة لا يسد الرمق، هذا إن كانت تلك الأسر من المحظوظة في الانتظام بكشوفات الضمان الاجتماعي.
وكل عام أسمع منهما ما يشيب الرأس من أحوال المحتاجين، وضغوط الحاجة التي قد تدفع بعض من دهسهم ضيق الحال إلى الانحراف.
لا يكتفي الإخوة الكرام الساعون لفعل الخير بذلك بل يذهبون إلى السجون باحثين عن مدينين ليفكوا أسرهم. شرطهم ألا يكون سبب السجن قضية فيها إخلال بالشرف أو جريمة جنائية، معظم حالات السجن تلك تنشأ بسبب إيجارات المنازل أو ديون لغرض الزواج أو ترميم مسكن، وبحسب فهم إدارة السجن والعاملين فيه يتم التجاوب.
ولو كنت من مصلحة أو إصلاحيات السجون لوجهت كل إدارة سجن بعمل لائحة للنزلاء بسبب قضايا الحق الخاص، تكون جاهزة وميسرة قبل شهر رمضان توفر لأهل الخير، لا تكشف إلا لمن يثبت ويلتزم بمساعدة من يستطيع منهم. حفظ الكرامات واجب، أيضاً تسهيل فعل الخير واجب.
أما وضع شروط «بيروقراطية» تحد من عمل الخير جاعلة طريقه وعراً صعباً فهو أمر عجيب. قبل أيام اتصل صديقي، راوياً لي قصصاً محزنة عن أوضاع نساء وأسر يعيشون بيننا، لم أستغرب، لكن ما استغربته أنه اتصل بمسؤول في أحد السجون مخبراً إياه برغبته تسديد ديون بعض المعسرين ممن سجنوا في قضايا لا تخل بالشرف، فطالبه من رد الاتصال بأن يخبره عن مصدر المال؟ أجاب صديقي بأنه زكاة مال رجل الأعمال فلان بن فلان، شخصية معروفة لها نشاطها المعلن. كان الرد أن هذا لا يكفي يجب أن تكتب خطاباًَ وتكشف فيه مصدر المال؟ فهل لو تبرع أحد لجمعية خيرية سيسأل عن مصدر المال؟ بالطبع لا، لكنها اجتهادات شخصية منعت عن محتاجين فرصة قد لا تتكرر.
المفترض أن تفرح وتبتهج إدارة السجن بمن يسعى ليخفف عنها أعداد النزلاء، وقد علم عن حال الاكتظاظ، المفترض أن تنتج هي برامج وأساليب لتسهيل الإفراج عن المديونين متى توفر أهل الخير. إن الترغيب بالتبرعات وفعل الخير ومساعدة المحتاجين لا يكفي لوحده إذا لم تيسر أمور الساعين على الأرامل والأيتام والمساجين، خصوصاً أن الإنسان يرى أسراً وأفراداً متعففين ضاعوا وسط الزحمة، ولم تصل اليهم جهود جمعيات خيرية.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على تيسير فعل الخير

  1. عبدالرحمن إبراهيم كتب:

    المشكلة أن عرقلة أعمال الخير والمبالغة في تقنينها أصبحت تشمل معظم أوجه البر والطاعة، وحتى حين ترغب في إقامة ودعم خيمة رمضانية لإفطار الصائمين من الفقراء والمساكين والوافدين فإنه لابد وأن تحصل على تصريح من وزارة الشؤون الإسلامية!!
    كل هذا لدواعٍ أمنية!!، أعتقد أن في ذلك مبالغة كبيرة وتعطيل لأعمال الخير.

  2. حديجان كتب:

    البيروقراطيه والروتين ووجود اكثر من راس فى اغلب الدوائر الحكوميه وليس السجون فقط
    نريد مزيد التخفيف فى كافة الاجرائات
    شكر لك استاذ عبد العزيز وطرحك لمثل هاذه الفكره التى لم يتم مناقشتها من قبل احد= من الكتاب حسب علمى
    ودائما انت من يتكلم ويناقش ويحس بمعاناة المواطن بارك الله فيك وجعله الله فى موازين حسناتك

  3. فيصل الفهيـــــــــد كتب:

    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
    أستاذي الفاضل أبو أحمد
    مشكلتنا في هذا البلد كلمة كل من هب ودب من أصحاب الكراسي ( الى مترززين ) عن كلمة نظام وما أدراك .
    يتكلمون ويطلعون أنظمة من عندهم وأغلب المصايب تطلع من ناس مقاريد ومسلطين على الناس .
    والشؤؤن الإسلامية هي أكبر جهة معرقلة لأعمال الخير بحجة دواعي مبالغ فيها من جمع أموال وغيرها وطلب تصاريح أو إذن رسمي عند القيام بعمل خيري .
    تخيل عند طلب الإذن ببناء مسجد من أهم الشروط المطلوبة هو إقرار من الشخص الراغب بطلب البناء يتعهد بموجبة بالتكفل بجميع الأمور (كمبليت ) وعدم جمع أي مبلغ مالي من أجل ذلك .
    اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان ,

  4. ابو ريان كتب:

    لا لا لا لا لا لا لا لا يا بو احمد لا تشره على ادارة السجون لأنها حريصه ان يبقى المجني عليه !! اطول مده ممكنه لأن اذا تركوا فرصه لأهل الخير لسداد الالتزام المالي على المحكوم عليه ما بقى في السجن احد وبكذا يتقفل السجن وبكذا يجلسون بلايا شغل او عمل
    على العموم فعل الخير متوفر بأوجه عده يكفي النيه فهي متبقى لدينا

    نهاركم كله خير

التعليقات مغلقة.