لم يستطع إعلامنا المرئي أن يواكب موسم الحج… على رغم الإمكانات الكبيرة الموفّرة له، لأن نقل صور الجموع المحتشدة وهي تتحرك لأداء المناسك بكاميرات شبه ثابتة مع اجتهادات إخوة مذيعين بالإنشاء والتعبير هو السائد، وهو أمر كان يمكن القبول به في زمن مضى، لكن كل الخدمات تتطور وتتحسّن وترتقي والإعلام لا يواكبها، وحتى الاستفادة المتأخرة من القناة التلفزيونية المعطلة لنقل صور الحجاج في منى وعرفات. هذا العام، تم آلياً لا هدف له ولا موضوع ولا خطة، فأصبحت القناة عبارة عن كاميرا صامتة. الفائدة الوحيدة هي القول إننا نقلنا مباشرة بكذا قناة تلفزيونية، وتواجدنا. والمشاهد يسأم ويعتاد الصورة الثابتة وشبه الثابتة، خصوصاً إذا لم تصاحبها شروحات ووقائع إنسانية وكم من المعلومات المتجددة.
موسم الحج هو موسم القصص الإعلامية التي لا نهاية لها، لكن العمل الإعلامي لا يريد موظفين يؤدون الواجب أو يركضون وراء الانتداب أو يعيشون داخل قفص بيروقراطي مقيد، إنه يريد فكراً خلاقاً وخيالاً خصباً، ليجيب على سؤال ماذا نريد وماذا نستهدف من النقل الإعلامي ولمن هو موجّه أصلاً؟ ثم ما هي الرسائل المراد إيصالها لأدمغة هؤلاء المشاهدين، مسلمين أو غير مسلمين.
أتعاطف مع إخوة مذيعين، في بعض قنواتنا الأرضية والفضائية، وهم يحاولون عصر ما تبقى في رؤوسهم من عبارات إنشائية ومفردات يكررونها لتغطية الفترة، وأشعر بفرحة بعضهم عندما يجد ضيفاً يفزع ويساعد في إعادة صنع الإنشاء والتعبير أو يحرك الساكن بمداخلة مختلفة ليحقن في عروق البث الباردة شيئاً من الحرارة، وكل ضيف وقدرته.
أشعر بأنني كتبت مثل هذا في موسم ماض، ولا أستغرب، إذ ان الوضع بقي على ما هو عليه، مع أن كل الجهات التي تخدم الحجاج تتطور وتحسّن خدماتها، ولا نعرف ماذا يتم من لجان الاستعدادات والوفود أو هي البعثات الإعلامية كما يطلق عليها التي تجند لنقل أداء المناسك.
موسم الحج موسم فريد ثري… أمده قصير… فيه من الخامات الصالحة للأعمال الإعلامية الجيدة بل والممتازة ما لا يحصى… قصص أبطالها هم الحجاج أو رجال يقومون على خدمتهم، لكننا نفوته عاماً بعد عام، قنع البعض منا بأداء الواجب الوظيفي وتراجعت المواهب وأصحاب الفكر الإعلامي، لأن الأصل في الإعلام لدينا هو الوظيفة… والتوظيف… وعلى قدر الوظيفة يكون مقدار الجهد، أما التوظيف الأمثل للإمكانات والطاقات بما يتواكب مع جهود جهات حكومية أخرى، ويعكس جهود دولة تبني منشآت ضخمة أشبه بالمدن لا تستخدم إلا لأيام محدودة… فقط لموسم الحج فهو ما لا يلمس، فإذا كانت هذه هي حال إعلامنا مع موسم مثل الحج المسخّرة له كل الطاقات لا يستغرب أصوات إعلام مغرض يبحث جاهداً عن الإساءة.
تعودنا نشوف مذيع بلباس الإحرام !!
وتعودنا يمد كل واحد منهم المايكرفون في الساعات المتأخرة من يوم عرفة وكأنما هي مبخرة في مجلس شياب !!! وما عقب العود قعود …
وتعودنا مقابلتين ثلاث اربع مع ضباط بنظارات شمسية
ضابط معه انتل رادو منكسر يشرح فيه خطة الحج والتصعيد لأناس في بيوتهم ما حجوا !!!!!
بينما الحجاج اصلا ما عندهم اي تلفزيون لا في الخيام ولا في الشقق !!
وش بعد !!؟؟
يالله لك الحمد اعلاااااااام ولا في الأحلام مع سمنة فارم ! :)