مادياً لا يقاس أثر الرجم بالأحذية بقذائف الدبابات والقنابل والصواريخ التي تلقاها العراق والعراقيون طوال سنوات… إنما معنوياً الأمر يختلف، وحينما تأتي قذيفة الحذاء خاتمة ووداعية في حفلة «البناء الجديد»، فهي تمثل زفرة ختامها حذاء، وفي مكنون الصحافي العراقي منتظر الزيدي بعض مما يكنه غالبية الناس، خصوصاً العرب والمسلمين الذين شعروا بالذل والمهانة والوحشية لما اقترفته يدا بوش في العراق، حتى بين الأميركيين أنفسهم هناك من لو قدّر له لرمى حذاءه حتى مع أزمة مالية جعلته بفردة واحدة.
منتظر الزيدي مراسل قناة «البغدادية» دخل التاريخ بحذاء قذفه بوجه الرئيس الغازي… المستعمر لبلاده، في لحظة أرادها الأخير تاريخية فكانت بفعل الحذاء أكثر من تاريخية، وهي إشارة من المواطن العراقي إلى أنه لم يكن مدعواً ولا مرحباً به… إنه الرئيس الذي وعد بالمن والسلوى فقتل وأحرق واغتصب وسرق، ونصّب من لا يستحق على ما لا يملك. ولو قدّر لحذاء منتظر أن يباع في مزاد عالمي لتخاطفته أيدي الأميركيين والأوروبيين لأنهم قد عرفوا ماذا فعل بهم الرأس أو الوجه المستهدف.
ولا يهم هل أصاب الحذاء الوجه أم لا، فهو قد أصاب الحقيقة وحقق هدفاً كان «منتظر» الشاب الإعلامي ينتظره على أحر من الجمر. وعندما اختار منتظر الزيدي أن يمشي حافياً، ويعود للسجن بعد اختطاف سابق له… ثمناً للتعبير عن رأيه، قطرة وزفرة مما في صدره وسط غابة من الحراس والدمى السياسية معروف ماذا سيفعلون لحفظ كرامة من صنعهم، فهو في الواقع اختار الكرامة مع ثمنها الباهظ.
وهو أثبت أن الحذاء سلاح لمن بقي في عروقه شيء من تقدير الذات… مثلما كانت الحجارة سلاحاً. ومنتظر بتصرفه ذاك ربما يسنّ نظاماً جديداً في المؤتمرات الصحافية يحتّم على الصحافيين الدخول من دون أحذية… ولاحقاً من دون أقلام! حتى أولئك الذين رفعوا أصواتهم بالاعتذار كما قال المرجوم بحذاء ربما في دواخلهم أثر من الحبور والغبطة، تحمّل منتظر عنهم الثمن، ربما يشارك بعضهم في تحميله إياه، لكن، في قرار النفس عند استرجاع ما تم فعله في العراق وأهله، لا بد من أن ينظر للحذاء على أنه أقل الواجب.
بقي أن يقف الإعلام مع منتظر، للحفاظ على سلامته من البطش المتوقع، وهو قد كسر جموداً في الحالة العراقية السياسية، لأن بعض المنصّبين على الكراسي يكونون أشد تنكيلاً ممن أوقفهم على أرجلهم، إنه واحد من الإعلاميين الصادقين مع أنفسهم ومواطنيهم، عبّر عن وجهة نظره بحذائه ربما لا يملك غيره، وأمام وضد رئيس أكبر دولة «ديموقراطية» تزعم الحرية والتمكين من الحق في التعبير.
أبيات وصلتني لم أعرف قائلها:
تنزه ان يصافحك الحذاء
فمال به عن الدنس الإباء
تفجر غيظ «منتظر» فأمسى
تفور بنار عزته الدماء
حذاؤك يابن دجلة حين يعلو
لمن خذلوا قضيتك الفداء.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
اسمح لي استاذي بسرد بعض من التعليقات التي تناقلها البعض:
1- الرجال انضرب بجزمة وعلى الطاير.
2- لطشة حلاها منها وفيها.
3- شوفتوا فيلم ( قبلة الوداع).
4- هذا هو فعلا (الراي والرأي الاخر).
5- هذه جزم (عابرة للصالات).
6- جزمة في الاخير ولانومة فيها شخير.
7- اخرة المتمة جزمة تجيب الغمة.
8- لايزعلوا الامريكان احنا عندنا ديموقراطية كمان .
9- ضرب الجزم محبة احيانا .
مع الشكر والتقدير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت مقال فارس بن حزام في جريدة الرياض وارتفع ضغطي قلت اجي عندك يا أستاذنا القدير عبدالعزيز لأني عارف انك تكتب بقلم مخلص.
هدا الصحفي يعبر عن رأي كل العرب حكام ومحكومين لكنه عبر عن رأينا نحن المحكومين بما يستطيع …. وكنت اتمنى ان يوزع الأحدية بين بوش والمالكي بالتساوي ….الشي الاكيد والله ياهو يبي ياكل ضرب .. ومن من ؟ من أناس ما يطيقون بوش لكن الدبلوماسية عاوزة كدا الله يعينه
لنرفع ايدينا إلى السمــــــاء ليبارك منتظر
تحيـــة شكر وتقدير على هذا المقال الجميل
يا استاذي
وكل عام وانتم بخير
صراحة وارجو ان يتسع المتصفح لهذه الصراحة
كان مستوى الحذاء ( اعزكم الله ) اعلى من راس المدعو بوش
بوش هذا الذي دمر اقتصاديات العالم وبالأخص امريكا
وافسد علاقات امريكا بالعالم ووظف هرطقاته التي سيّره بها اللوبي الصهيوني
وظفها ليودع بهذه الطريقة .. دلالة على ان هذا قدره عند من زعم يوما انه مبشر بالحرية لهم .. كأن الحذاء وهو حذا يأنف من معانقة بوش !!
السؤال الذي سيبقى بإجابة خجلى !!
كم منا تمنى ان الحذاء اصاب هدفه ؟!!
بالنسبة لي لا فرق فقد وصلت الرسالة .. وتمنيت انه اصاب الهدف ولكن كما يقول الأمريكيون (close but no cigar) وهذ المثل يعرفه الأمريكان !
كان يريد ان يسجل موقفا فسجله وربما شارك يوما في الاولمبياد ( رمي القندره ) :)
شكرا لك أستاذنا عبد العزيز ..
مقالك في الصميم …
وبالنسبة للأبيات : فإن قائلها هو الأستاذ : يعقوب العتيبي كما وصلني ذلك منه عبر الإيميل ..
السلام عليكم
اتمنى أن لا يندم الصحافي منتظر كما ندم الشخص الذي ضرب صورة صدام بالحذاء وقال لو عادت الامور لما كانت عليه لقبلت قدمي صدام نحن امه لا تخطط وتعمل بردة الفعل ولكن ماهو مستقبل العراق وهو بأيدي القوات الأمريكية تسلمة لمن تشاء ووقت ما تشاء الفرس والترك متربصون للحصول على نصيبهم من الوليمة وسيكون عملهم موجعا لأنه يشبه قرض العظام وربما قلنا (لاسمح الله) الله يحلل الحجاج عند ولده الله يحلل صدام عند النظام الحالي أو الله يحلل بوش عند من أتى بعده.
مستقبل العراق بيد من؟
بل مستقبل العراق بحذاء من؟ وكم سنة ستطأ بساطير الجنود من أي معسكر ما وراء الأطلسي أو بالجوار لأرض العراق؟
اللهم اكفنا شرهم بماشئت.
آمين