«ولا في السوق السعودية»!

فرادة السوق الاستهلاكية لدينا يُضرب بها المثل، موفّرة الفرصة لنحت مثل جديد يقول: «ولا في السوق السعودية»! أو «ما لك إلا الوكيل». لأنها تسير عكس الاتجاه العالمي، مع كل ما يقال عن اننا جزء من العالم نتأثر بما يحصل فيه، يتضح مرة بعد مرة أننا لا نتأثر إلا عند ارتفاع الأسعار، فنكون من أسرع المتأثرين ويجهل بعضنا فوق جهل الجاهلينا… سعرياً، وعندما بدأت موجة المضاربة العالمية على أسعار السلع الأولية كنا من أول المتأثرين، فارتفعت الأسعار ثلاثة أضعاف في الحد الأدنى «انظر للرز على سبيل المثال» ولحق به الحديد. وقرأت مثلما قرأتم عن استدعاء تجار التعطيش وإيقاف تجار التخزين ممن تظاهروا بأنهم على الحديدة، ولم أقرأ مثلما لم تطلعوا أنتم عن قرار لمعاقبة أي تاجر. في الاتجاه المعاكس هذا الذي تسير عليه سوقنا الاستهلاكية، لن استغرب أن يطالب تجار الحديد، أي من رفع الأسعار و «طنش» وجفف وعطش الآن بتعويضات… فلهم من الرز نصيب!
أخيراً أُعلن عن خطة مرفوعة للنظر في إعادة تصدير الحديد! لم يمر وقت «يستاهل» على الحد منه، في مقابل عدم التحرك لمواجهة ارتفاع أسعاره المتواصل، وتجفيف السوق من كمياته أشهراً طوالاً، على رغم ارتفاع الأصوات وتعطّل مشاريع رائدة لقطاعات حكومية.
لقد مررنا بحالات استثنائية خلال الأعوام القليلة الماضية، تعرّى بفضلها الواقع أكثر فأكثر، واتضح منها لمن يهتم ويشعر بأن ما يقال ويكرر عن حرية السوق هو حرية في اتجاه واحد. اتجاه الرفع ثم الرفع، وهو ما يبرز أهمية إصلاح السوق وضرورته، ففي حين للتجار صوت لا يُعْلَى عليه، وحصون منيعة يجتمعون فيها للتنسيق والاتفاق على المستهلكين علناً… لا صوت حقيقياً للمستهلك، فنقع لرغباتهم أسرى، فلا تتأثر أسواقنا بموجات الهبوط في الأسعار إطلاقاً، في حين هي الأسرع تأثراً بالارتفاع المبالغ فيه.
ساخراً أرسل لي أحد الأصدقاء رسالة تقول، إن مطعماً للوجبات السريعة خفض أسعاره ريالاً واحداً، مع تعليق حُشِرَت فيه «الوطنية» كأنها من أسباب الخفض، ولا أستبعد أن تبدأ الإعلانات «الوطنية» بتخفيضات فقيرة… فقر ذمم البعض. ولعل الفيلم الهندي المعروض حالياً عن أسعار السيارات التي هوت في بلادها… مع حملة في بلادنا تقول إنها لن تنخفض، مثال طازج للمحاولات المستميتة لغسل أدمغة المستهلكين. كأن مستهلكينا صمموا خصيصاً لبلع المخزون بأسعار باهظة وتعويض انخفاض الأرباح، ولا أقول الخسارة، لأن ما حققوه من أرباح خلال السنوات الماضية يفوق كل التوقعات.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

5 تعليقات على «ولا في السوق السعودية»!

  1. عادل القحطاني كتب:

    شكرا لك يا استاذ عبدالعزيز على هذا الطرح القيم

    الغريب ان كل شي ارتفع سعره ما عدا سعر الدخان ( السجائر ). وهو الشيء الواحد الذي كان الناس يطالبون وزارة التجاره وتجار الدخان برفع سعره ومع ذلك لا حياة لمن تنادي.

    يبدو أن المواطن متضرر في كل الحالات اذا ما ضروه التجار بارتفاع الاسعار يضرونه بصحته .

    والسلام ختام

  2. أحسن الله عزاك بالسوق السعودي استاذي عبد العزيز..
    عندي سؤال محيرني؟
    هل يجوز الصلاة على السوق وبأي مقبره سوف يدفن؟

    الخوف بكره المشائح يتماوجون بين الجواز والرفض كـ العادة لحب الظهور على أكتاف أي قضية..

  3. سليمان الذويخ كتب:

    السوق السعودي لا تخضع لأي مقياس من المقاييس الاقتصادية
    انها سوق اللاسوق
    لأعطيكم مثالا غريبا نوعا ما..
    الكل عندنا يردد ان التجارة عندنا تعتنق مبدأ السوق المفتوحة ! يعني الخاضعة للعرض والطلب …
    حرية قرار السوق اراها تتجلى اذا كانت ضد مصلحة المواطن
    لكن اذا سارت متجهة نحو مصلحته اراها فجأة تتحول الى سوق آخر
    عندما انخفضت اسعار المحروقات ولأسباب اخرى بدأت حرب اسعار بين منتجي الألبان .. وجدنا احد الوزراء يجتمع مع منتجي الالبان لوقف تدهور الأسعار !!!
    كيف تجتمع بهم وانت مفروض تمنعهم لو فكروا مجرد تفكير في عقد اجتماع !!
    وهذا ما حدث في نفس الفترة في ايطاليا حيث منع تجار الوقود من عقد اجتماع لبحث تقلبات اسعار المحروقات في ايطاليا

    وبمناسبة الوقود .. كيف نمنع اصحاب محطات الوقود من خفض السعر هللة هللتين لنضطرهم لتوزيع مناديل ضارة بالصحة من ورق معاد تصنيعه ؟! :(
    شكرا لك

  4. صلاح السعدي محمود كتب:

    حياك الله.أبو أحمد
    سلمت يمناك أستاذي ..أعتقد أن المستهلك اليوم أصبح أكثر وعيآ عن ما مضى من الزمن
    هذا بفضل تكنولجيا الأعلام المتقدم ووذكاء عقول كتابنا الأعزاء حفظهم الله لنا جميعآ يارب
    ودمتم لمحبينك:

  5. أنسان كريم كتب:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم
    الاستاذ عبدالعزيز السويد يحفظه الله
    أخي الكريم ارجو ان تزور وانت من سكان الرياض محلات ماركس & سبنسر او أحدى فروعها في صحارى مول حيث سوف تلاحظ ان بعض الملابس مسعره (عروض) بالريال و الباوند الاسترليني معا ( اي ان هذه البضاعه جزء من عروض موجهه الى المستهلك الانجليزي اي انها ستوكات ومن ثم وردت لسوقنا )ولكن عندما تحولها الى الريال تجد ان سعر التحويل 19 ريال او 14 ريال حسب مزاج من سعروليس 6.5 ؟؟؟ اي تجد القطعة مثلا ب2 باوند بينما بالريال ب 39 ؟ او سعرها بالباوند ب 7 بينما بالريال ب79 ؟
    المزعج انهم ما كلفوا خاطرهم بنزع التاك الانجليزي وكانهم يقولون تبي ولا انقلع!!! فهل تجوز هذه الاستهانه وبهذه الطريقه ؟ أين حماية المستهلك ؟او وزاره التجاره
    أستاذي ما أزعجني و بشده ليس سعر البيع بالريال ولكن لا أدري ما اسميها هل هي الاستهانه او الاستخفاف بالمستهلك ؟ المهم ذهبت الى البائع وانا مرتفعه حرارتي أسائله عن سعر التحويل؟ وعن عدم رفعهم التاك الانجليزي ؟فأجاب حاولنا ولكن ليس عندنا موظفين كافيين ؟
    هذا ما حبيت أفش خلقي فيه ؟ راجيا التاكد
    دتم بحفظ الله ورعايته داعيا المولى ان يجعل ما تكتبونه خاصا لوجهه الكريم ويكتب بميزانكم

التعليقات مغلقة.