ألف ليلة وليلة

من الانتقادات التي توجه الى العربي أنه لا يقرأ. تساق هذه التهم في الغالب من النخب، أكاديميين بل وبيروقراطيين «متأكدمين»… ومثقفين. وأحوال النشر والتأليف وارتفاع كلفة أمرها معروف لا حاجة الى نبشه، لكن، في مقابل هذه الاتهامات يستغرب المرء من جهات لا تحافظ على كتبها ولا تقرأ ما يصلها.
بحرّ ماله اشترى صديقي مجموعة كتب قديمة من «حراج ابن قاسم» في الرياض، وهي سوق قديمة يباع فيها كل شيء تقريباً من القديم والجديد، كان وما زال للكتب حضور لذيذ فيها، من بقي من محبي القراءة والاطلاع يرتادونها في كل سانحة لعلهم يجدون كتاباً فريداً قرر صاحبه التخلص منه، وجد صاحبنا أن من بين الكتب أكثر من واحد عليه أختام لكلية تربية تتبع إحدى الجامعات السعودية، بمعنى أن من باعها استعارها «في أحسن الأحوال» ثم نسي إعادتها، ربما بفعل الزمن اعتبرها ملكاً خاصاً، كما يفعل مستثمرو توظيف الأموال… يجتذبون أموال الناس ثم يعتبرونها ثروتهم الخاصة متلذذين بها أثناء محاكمات تطول، وكما يفعل بعض المدينين يشحذون السلف ثم تصبح من إرث أبيهم… يغضبون عند طلبها.
من ضمن الكتب نسخة فريدة لمجلدات من كتاب «ألف ليلة وليلة» مطبوعة عام 1252هـ، وهي عند جامعي الكتب لها قيمة، إضافة إلى أن النسخ الحديثة منها تعرضت لتعديلات، لكن ضمير صاحبنا أصابه القلق، فكلما شاهد ختم الكلية أنّبه ضميره وعزم على إعادتها متناسياً أنه دفع ثمناً لها.
شمّر عن ساعديه وبدأ بمراسلة الكلية من طريق بريدها الإلكتروني، صاحبنا صدق أن كل من وضع بريداً إلكترونياً وموقعاً على الإنترنت سيقرأ ما يصل إليه ويرد عليه، والطيبون يصدقون، لكن رسائله التي وضع فيها رقم هاتفه لم يرد عليها، ولا أستغرب. قلت له إن مركزاً للأبحاث في إحدى الجامعات السعودية «الرائدة» لديه موقع على الإنترنت لا يرد على رسائل تطلب معلومات، وهو مركز أبحاث! فكيف بكلية همها الرئيسي القبول، جعلنا الله وإياكم من المقبولين عنده تعالى.
ولست أريد من هذا المقال تنبيه الكلية الى كتاب مفقود من مكتبتها «بسلامتها»، لو كانت مهتمة لفتحت صندوق الرسائل، ربما أضاعوا الرقم السري! إنما صديقي سألني هل يجوز له الاحتفاظ بالكتب؟ أجبت بأن لا علم لدي، ينبغي أن تسأل من يفتي.
والسؤال يجر سؤالاً، هل يجوز له بيع الكتب وهو قد اشتراها بحرّ ماله؟ إذا قيل نعم، فمن يسوم؟
والخلاصة أن أهل الكتب لا يقرأون… صميم عملهم الواجب؟ فيما يتهم العامة بعدم القراءة والاطلاع… الحر! وأن مواقع الإنترنت والبريد فيها لجهات ملزمة بها كلفت أموالاً… ليست سوى «منظرة وكشخة» أو على قولتهم «عندنا موقع»، وربما عقود… لاحقة… للتطوير والترقية… بالعرف الإنترنتي، ثم إن الأمانة متعبة لحاملها حتى لو أراد إعادة كتاب اشتراه ممن لا يملكه فنشب في ضميره.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على ألف ليلة وليلة

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الفاضل ما اصاب الكتاب اصاب التلفزيون واصاب الصحف واصاب الاقلام واصبح الجميع يدندن على الوتر الذي يحب ان يسمعه غيره فكم من مقالات اقالت وزراء وكم من مقالات وقعها اقوى وانكى من الرصاص لكن من يقراء ؟

  2. الضمير الحي الصادق نادر في هذا الزمن.. مثل ضمير الأخ اللي اشترى الكتب هذا.. والمشكلة بأن مسئولي الكلية لن يصدقوه أو يأخذوا فعلته بإرجاع الكتاب بحسن نيّة أبداً “لأن أغلبهم جبل على التعامل مع نصابين أو بعضهم نصاب أساساً” فسيتم إتهامه بأنه هو من استعار الكتاب أو أحد معارفه ولم يردوه في وقته.. أنا متأكد 99% بأن هذا سيحدث..

    الأفضل أن يحتفظ فيه ويتركهم.. هذا مثل اللي يبلغ الشرطة عن حادث ويسجنونه

    بس حلوة ناسين الباسورد لأيميلهم :)

  3. ديك الجن كتب:

    الرد الثاني يخوف الله يستر

التعليقات مغلقة.