صدمة الصراحة

لم استغرب ردود فعل ظهرت على تقرير جمعية حقوق الإنسان السعودية من جهات مختلفة. توقعت مثل هذه الصدمة، إلا أن نوعية ردود الفعل المنشورة مثيرة أكثر من التقرير، ففي حين استغرب المهتمون رد فعل مركز «الحوار الوطني» مع المهمة الموكلة إليه، حينما أشار إلى عمله بعيداً عن «الغوغائية»! وصف مدير الشؤون الاجتماعية بمكة المكرمة ملاحظات للجمعية «بالمسمومة»… و «الافتراءات»!
وقارن بين جهد الجمعية وهيئة حقوق الإنسان «الحكومية»، واصفاً الأخيرة بالمتوازن والأولى بالإثارة الإعلامية. ولست أعلم هل سبب التوازن ذاك هو عدم ظهور ملاحظات الهيئة الحقوقية مفصلاً لوسائل الإعلام أم لأن «الصفة الرسمية» قيدتها؟!
الواقع الذي عايشناه هو ان الجهات الحكومية الخدمية وفي مقدمها الشؤون الاجتماعية لم تتعود على رقيب خارجي شفاف، يكشف للرأي العام حقائق الميدان، تعودت الجهات على التذكير بعدم التركيز على نصف الكأس الفارغ أو اكتفاء بردود العلاقات «العامة»! في حين تمحور عمل الجهات الحكومية المعنية بالرقابة على حضور الموظفين وانصرافهم، أو ملاحظات مالية إجرائية لاحقة، تدفن في تقارير وخطابات متبادلة سنين طويلة، يكون عندها المسؤول تغير وجاء آخر لا علاقة له بما حدث. ولكم في بيانات ديوان المراقبة نموذج، ولا بد من الإشارة إلى أن هيئة الرقابة والتحقيق كانت غائبة عن المشهد… وما زال حضورها خجولاً.
والحقيقة ان كشف ملفات العمل الاجتماعي الرسمي لم يكن متاحاً بالصيغة الراهنة إلا بعد زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأحياء الفقيرة. ما قبل هذا المنعطف المهم شاب العمل ونقده جمود أثقل كاهله مع ازدياد أعداد المحتاجين من كل الفئات، واحتمى فترة طويلة بالستر الذي يتحول مع انعدام الرقابة الحقيقية إلى تستر أو تجمل إذا أردت.
من واجب جمعية حقوق الإنسان ان تنشر في الإعلام تقاريرها وملاحظاتها، وهو ما يحسب لها ويزيد من نجاحها، كما أن من صميم واجبها البحث عن السلبيات وكشفها والمطالبة بإصلاحها، لهذه الغاية أنشئت وإلا سنحصل على جهة جديدة تجامل وتصانع.
الحوار الذي نشرته عكاظ مع مدير الشؤون الاجتماعية في مكة مثير، والجمعية ردت عليه لاحقاً، وذكرني بما حصل قبل ثلاث سنوات حينما ظهر فقراء محافظة «الليث» على صفحات الصحف بالصور الملونة «يستجدون» إفطار رمضان، ولم تحرك الشؤون الاجتماعية في مكة ساكناً ولا الوزارة في الرياض. وتابعت القضية حينها طوال أشهر، لم يتحرك سوى بعض المحسنين الأفراد. كان الفقراء يتطلعون إلى نصف الكأس الممتلئ، ولم تسعفهم الجهة المعنية بأحوالهم… في حين تطالب بعدم التركيز على النصف الفارغ… «لأن الفقراء ومن في حكمهم قابعون فيه»! فلماذا لا يكون أمثال لهم من فئات اجتماعية أخرى داخل أسوار وفي أحوال لا يعلمها إلا الله تعالى وجملة من الموظفين… الصامتين.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على صدمة الصراحة

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    قبل ساعة واحدة من الان كنت امر بسيارتي امام مكتب الضمان الاجتماعي بالعاصمة المقدسة وكم كنت اتمنى امنية من وزير الشؤن الاجتماعية ان يزور المكتب الذي هو ذاته يحتاج الى ضمان اجتماعي لكن ما احزنني ليس مبنى المكتب والا موقعه بقدر مااحزنني مجموعة من النساء واقفات تحت اشعة الشمس .. الموضوع ليس صيغ انشائية بقدر ماهو تفاعل مع المجتمع ووفق الامكانيات والتوجيهات التي سخرها ولي الامر فبقدر مناظر اهل الليث الاكارم الذين اشرت اليهم استاذي بقدر ماهو داخل مدينة رئيسية مثل مكة المكرمة ويتكرر الوضع .. الله المستعان والحمد لله على كل حال .

  2. علي كتب:

    أستاذي الفاضل ، قرأت هذا الخبر بموقع سبق الاخباري وبالعديد من المواقع والمنتديات
    يا ريت تعلق عليه
    شكوى عاجلة ضد 4 نافذين اختطفوا شاباً وأوسعوه ضرباً
    الخبر موجود بالرابط
    http://www.sabq.org/?action=shownews&news=5672
    وشكرا لك

التعليقات مغلقة.