«بحثاً» عن المشاريع الوهمية

أحسنتْ صحيفة «الحياة» بتقصّي القضية الجديدة التي فجّرها وزير الصحة السعودي الدكتور عبدالله الربيعة، حينما أعلن أول من أمس، عدم وجود مشروع للحزام الصحي لدى الوزارة. وهو مشروع طالما تحدثتْ عنه وزارة الصحة، منقذاً لفك الاختناق في خدماتها، حيث سينشر مستشفيات متخصصة تُغني سكان المناطق عن التوجه إلى المدن الرئيسية، ولو ذهبتَ إلى محرك البحث ووضعت «الحزام الصحي» فيه لوجدت عشرات الآلاف من النتائج… الروابط، طبعاً لا بد من أن تحذف نتائج الأحزمة الصحية الخاصة بالتنحيف وعلاج إصابات الظهر والسلامة… مع هذا ستكتشف أن غالبية النتائج تفوق مئة ألف، تخص مشروع الحزام الصحي لوزارة الصحة السعودية.
ذهب الزميل أحمد غلاب من «الحياة» إلى كل الأطراف، وفضّل الدكتور حمد المانع وزير الصحة السابق عدم الرد، مكتفياً بالقول إنه سيرد في «الوقت المناسب»، ولا أرى وقتاً أكثر مناسبة من تلك اللحظة، لا بد من أنّ لدى الوزير السابق رؤية ووجهة نظر… فلماذا فضّل الإرجاء؟ ومع الامتناع عن حق الرد الذي شرعت أبوابه «الحياة»، يمكن الاقتناع بوهمية المشروع، أو كونه «مجرد أفكار مطروحة تناولتها الصحف»، كما ذكر الدكتور رضا خليل المستشار السابق لوزير الصحة السابق، مضيفاً أن مثل هذا المشروع لم يناقش في خطط الوزارة، وهو من عمل عليها، لكن الصحافة لا يمكن أن تتناول «أفكاراً مطروحة» على أنها حقائق. منذ عام 2006، وربما قبل ذلك والحديث عن «البدء في إنشاء» مشروع الحزام الصحي يصدر في شكل رسمي من الوزارة.
كنت ممن طالب الوزير الجديد بالبناء على ما تم من إيجابيات في عهد الوزير السابق، «وهماً» مني وتصديقاً لما يتكرر نشره على لسان مسؤولين أتوقع منهم الدقة في ما يصرّحون به للإعلام. الآن كل مهتم بالشأن العام ورغماً عنه لن يستطيع تصديق ما يُنشر على ألسنة مسؤولين عن مشاريع إلا عندما يراها رأي العين، وهو شرخ جديد مؤثر في متانة الثقة ضرره بالغ.
تكشف لنا هذه القضية أن لا رقابة على تصريحات رسمية تنشر في الإعلام. الأهمية أن التصريحات تتناول قضايا تهمُّ الوطن والمواطن يعتبرها الأخير شمعة أمل، يتم هذا مع تعدد جهات معنية، ولو كنا على مستوى من الشفافية والمسؤولية لتحركت جهات رسمية مثل وزارة التخطيط والمالية في حينه، وأعلنت أنها لا تعلم عن مشروع من هذا النوع، مع ترابط رسمي معلوم، لكن تفضيل سياسة الصمت، أو «دعْه يحكي»، أو «لم يسألنا أحد؟» مع إقفال النوافذ عن الصحافة… هو السائد للأسف.
السؤال الذي يقفز أمامنا بعد وهمية مشروع الحزام الصحي يقول: كم من مشروع وهمي لدينا ننتظر افتتاحه؟ إلى حين معرفة ذلك كل واحد «يتجود» بحزامه، لئلا يفاجَأ بأنه ليس سوى فكرة «مطروحة»!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على «بحثاً» عن المشاريع الوهمية

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب بصرف النظر عن الموضوع فالدكتور الربيعه والدكتور المانع يحلوها مابينهم في الوقت المناسب بالمحبة بالمواجيب بالرجال بحب الخشوم المهم تنحل المهم والاهم والخطير اعادة المصداقية الى ماتنشره وسائل الاعلام من تصريحات مسؤلين كبار في حجمهم هذا اولا وثانيا السؤال لماذا فقد المجتمع المصداقية والاهتمام بما تنشره وسائل الاعلام عبر كتاب الراي الكبار وليس الاقزام واصحاب (التمريخ) المتقن وهو ماادى الى عدم تجاوب وتفاعل الكثير من المسؤلين على ماتنشره وسائل الاعلام المشار اليها واصبح الموضوع كأنه مجرد حشو وكلام جرايد واذكر ان والدي رحمه الله حكى لي انه تم اقالة احد الوزراء من منصبه بسبب مقالة صحفية وان هناك حرب كادت ان تشتعل بين دولتين بسبب مقالة صحفية وانه تمت احالة وكيل وزارة للتحقيق واعفاؤه من منصبه بسبب خبر صحفي امور كثيرة وهامة
    اصبحت الان من الماضي السؤال ماالذي تغير وماذا حدث هل هو طبقة الاوزون او الاحتباس الحراري ام عودة (سعيد سف الدقيق)
    الله يصلح الحال .. شكرا استاذنا الحبيب.

  2. امنة سردار كتب:

    الشفافية والمسؤلية التي تتحدث عنها استاذ عبدالعزيز غير قابلة للتعايش معنا ماهو سائد صداقة (برئية) مع الاعلامين من كتاب الرأي وهدايا وعلاقات ووالخ والباقي كله سهل صرح واجري لقاءات وارفع وارخي وضم واكسر ومن ثم انصب ..

  3. محمد حسن الأمير كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    استاذي القدير هل تستطيع الآن أن تكتب مقالا آخر تنتقد فيه سياسة الدكتور الربيعة في انتقاده للوزير السابق بعد أن قدمت وزارة الصحة اعتذارا رسميا على موقعها للوزير السابق وتؤكد فيه وجود الحزام الصحي ولكن بمسمى آخر ( اي أن المضمون واحد ) إنشاء مستشفيات تخصصية في كافة مناطق المملكة …

    هل تستطيع ؟؟؟

    أتمنى ذلك ..

    أطيب تحية

  4. تحية طيبة أخي عبدالعزيز
    صدقني ما رشح و تسرب لوسائل الإعلام ليس إلا قمة جبل الجليد العائم، و الله وحده يعلم ما خفي في المكاتب المكيفة و الأدراج المغلقة .
    ما حدث و يحدث في وزارة الصحة نتيجة طبيعية لسياسة التعتيم و الإنفراد بالرأي الواحد و غياب الشفافية و المحاسبة. فليس من المعقول أن ينفرد بضعة أشخاص بصياغة استراتجية شاملة لوزارة بحجم الصحة وهم لا يملكون أي خلفية علمية في التخطيط و من ثم يرفضون أي مساءلة أو مناقشة و يحيلون كل انتقاد إلى تراكمات الوزارات السابقة
    يبدو أن الدائرة بدأت تدور..و سنظل ننتظر و نتفرج
    والجميل أن الفرجة بلالالالالالالاش

التعليقات مغلقة.