أضحكني صديقي حين روى ما يحدث أمام آلات صرف النقود في الأسواق السعودية، له طريقة لذيذة في عرض الحكاية، إنه لا يعرضها كمشكلة بل على طريقة نكتة، تساعده قسمات وجهه الممطوطة وحركات يديه وأصابعه، على العكس من آخرين… أصدقاء، يقولون للكاتب: «تذكرتك عندما حصلت لي المشكلة الفلانية». ويبدأ في التذمر، وقد ينسى نفسه كأنك المسؤول عن إصلاح حفرة ما وقع فيها… وما أكثر الحفر! وعندما يرفع صوته بحماسة تُغلق أذناه أوتوماتيكياً.
حاجة الناس لمن ينصت إليهم قفز مؤشرها كثيراً، ليُذكّر بارتفاع مؤشر الأسهم بداية عام 2006، إنما من دون تصريحات رسمية مطمئنة! فإذا «أرخيت» أذنك فابشر بكثير من الصداع والتهاب في الأذن الوسطى، ستظهر آثار ذلك على توازنك بعد لحظات.
يقول صديقي إنه لا يعرف كيف يحجب شاشة آلة الصرف عن المزدحمين خلفه، مشكلته انه «سكبه ورزه» إلا أن حسابه على الحديدة ما يخجله، ويصنف مزدحمين خلفه بين رجل مطاط وامرأة بصّاصة، الرجل المطاط يمد رقبته مثل زرافة حاشراً عينيه في الشاشة وصاحبنا ينتظر صرف النقود، فيكاد يندلق بؤبؤ العين في تفاصيل خصوصيات الصديق المالية، ويعلق قائلاً إن الذين تطاولوا بالبنيان عادوا ليتطاولوا بالرقاب، ويخلص إلى أن الحياء يكاد ينعدم، أما المرأة البصّاصة فهي تستند إلى قناع لا يظهر منه سوى عيون «تتبارق» مثل «مصاقيل» ملونة، ولأنها مجهولة يقدم لها هذا الغطاء فرصة «للحشرية» أكثر من غيرها، قال صديقي إن أطرف ما مر به امرأة بصّاصة، في الساعة العاشرة ليلاً داخل سوق مكتظة، وقف هو أمام آلة الصرف ليسحب مبلغاً من رصيده «المصفر»، وشعر بأنفاس بجواره، التفت وإذا بامرأة بنقاب أو لثمة عيناها «تنساحان» على كتفه، نهرها بنظرة محتجاً، فاعتذرت بأنها تريد اللحاق بالصلاة… الساعة العاشرة ليلاً! لا بد أنها صلاة «الشفاحة»!
وصديقي مثل غيره بين نارين، تحذيرات البنوك من أخطار سرقة الأرقام السرية والبطاقات وأخبار عن حوادث تقع كل يوم، احتمالات إشغال الانتباه تمهيداً للسرقة قائمة، ومجتمعنا فيه فائض من «المشافيح»، ما بين «مدربل» وبصّاصة، ففي الوقت الذي لا يجد البعض وقتاً لمشاغلهم، يجد آخرون كل الوقت لمراقبتهم ورصدهم، إنها هواية ولذة ما بعدها لذة، وتسأل عن الدين وغض البصر ثم تُخرج زفيراً من أقصى قفصك الصدري، وإذا ابتعدت قليلاً احتراماً لشخص يستخدم جهاز صرف جاء من يحشر نفسه متقدماً إياك، لتعلم أن الأدب في مكان عام عملة جيدة تطردها العملات… الحشرية!
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
تحياتي لك هنا من سيدني
والله اشتقنا لربعنا هم وشفاحتهم !!!!
الغريب هنا انه عندما تركب القطار ويكون بجانبك على المقعد شخص اخر
وفي يدك مثلا كتاب او جريدة فهو لا ينظر لك ابدا ولا يحاول استراق النظر لما بين يديك
سبحان الله احترام الخصوصية عندهم شئ مهم
لو عند ربعنا يصورك تصوير انت وما بين يديك !!!
تحياتي لك مره اخرى .
حياك الله.أبو أحمد
والله سعادتكم عندك حق هذا صحيح كثيرآ مايحدث من سرقات هذه الأيام وكثيرآماتجد في الموضوع غموض قاتم غريب جدآ ..أستاذي الحبيب أتسأل ماذا تفعل الكاميرات التي تدار24ساعةفي اليوم بواسطة جهاز فيديو ومع ذلك تتم عمليات السطوعلي أغلب المواطنين وهم يستخدمواألات الصراف وأحيانآ في وضح النهار نهيك عن السعات المتأخرة من اليل وياليل
ما أطولك،،والأغرب أستاذي هذه الأيام نجد تحذيرات من البنوك نفسها بسرقة الأرقام السرية
من قبل مجموعة لصوص يضعون أجهزة ألتقاط لأرقام بطقات العملاء بالله عليكم هل يوجد أكثر من كده فوضة والأن أصبح كل البشر يمشي بدون نقود لأن المشي بالأرقام أسهل وأمن
ولا أيه…
الله يعطيك ألف عافية .أستاذي الغالي..إلى الأمام :
استاذي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
بصراحة فيه عندنا تصرفات غريبة بعض الشئ . تجد البعض يقوم بادخال بطاقته ويجلس يتفرج على الشاشة كأنه يشوف فيلم هندي !!