الاعتذار بكميات الأمطار

الردود الأولى للأجهزة المعنية على «كارثة جدة» تعذرت بكميات الأمطار الكبيرة جداً. وصفت هذه الكميات بالمهولة والضخمة وغير المسبوقة. وكيل أمين جدة للتعمير قال إن كمياتها بلغت 72,5 ملم بحسب أجهزة القياس. وأضاف: «أي ما يزيد على ثلاثة أضعاف المعدل العالمي للشبكات». الحقيقة إنني لا أعرف المعدل العالمي، ولا أستطيع «الخوض» فيه، لكن، لا يمكن الحديث عن المعدل العالمي والشبكات غير متوافرة أصلاً بالشكل المناسب. هذا من المنشور في الصحف، ومن غير المنشور وما يتردد لدى البعض أن الحجة نفسها تستخدم في الإشارة إلى الأضرار التي تعرّضت لها منشآت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول، والتي لم يصدر – حتى الآن – بيان عنها، ليوضح الأوضاع لرأي عام ومجتمع احتفى بها وفرح وتابع وضع حجر أساسها وخطوات إنشائها، ليعلم ما اتخذ من إجراءات.
هل كانت السيول التي جرفت جدة حالة استثنائية من حيث الكميات؟ هذا السؤال شغلني فاستعنت بجهود خبير الطقس الأستاذ وليد بن سليمان الحقيل وهو من المهتمين والباحثين في هذا المجال، واتضح – بحسب الأرقام الرسمية – أن جدة استقبلت كميات أكبر من الأمطار قبل خمس سنوات، ففي يوم 7 – 9 – 1425هـ تجاوزت كميات الأمطار التي هطلت على جدة 105 ملم، وفي يوم 11 – 12 – 1425هـ تجاوزت كميات الأمطار على جدة 145 ملم. والفارق كبير بين هذه الكميات ويوم الأربعاء الجارف. في حين أن كلاً من مدينتي بريدة وعنيزة في 7 – 11 – 1429هـ استقبلتا كميات أمطار «خلال ساعتين فقط» مقاربة لما استقبلته جدة يوم الأربعاء المشهود (66 ملم، 77 ملم على التوالي).
والقصد أن الحالة – من حيث كميات الأمطار أو قصر مدة هطولها – لم تكن استثنائية كما يروّج البعض. ولا شك أن أسباباً متعددة تضافرت ليحدث في جدة ما حدث، ومنها «العقوم»، وهي السواتر والسدود الترابية التي تسوّر بها الأراضي البيضاء، وفي صور جوية للمنطقة يتضح عدد منها، وهي صيغة متفشية في بلادنا وثبت خطرها في تجميع المياه ثم اندفاعها بقوة كبيرة.
هذا يعيدنا مرة أخرى الى سوء استخدام واستثمار البيئة المحيطة بنا والتعامل مع الأرض بجفاء وأنانية واضحة. وإذا كان هذا ما يحدث حول المدن فكيف هي صورة ما يحدث في الصحراء البعيدة عن الأنظار؟ لعل القارئ الكريم يتذكر قرار منع تصدير الرمال الذي صدر قبل أشهر، بعد سنوات قامت فيها بعض الشركات باستغلال مصادر «مناهل» للرمال في مواقع أشهرها يقال له «غونان» في المنطقة الشرقية بصورة مجحفة، ما أحدث أضراراً وتجريفاً وحفراً ستكون لاحقاً مصائد خطرة، والأَوْلَى بوزارة البترول والثروة المعدنية – المعنية بهذا – أن تطالب الشركات التي حققت أرباحاً بإصلاح ما سببته من أضرار وتغيير لمعالم طبيعية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على الاعتذار بكميات الأمطار

  1. ابو فهد كتب:

    هذا الكلام الصحيح .. وأذكر في تصريح أن شبكة الصرف لم تغطي سوى 30%

    ولا بد أن تكون العقوم هي السبب

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    قبل حوالي عشرة سنوات استاذنا ابو احمد كتب الكاتب الاستاذ محمد الحساني مقالة بعد هطول امطار
    على مكة المكرمة كانت غزيرة بعض الشئ وصادف وقتها ان احد المقاولين من اللي عليهم الكلام ومسنودين تمام انتهى من سفلتة احد الشوارع الرئيسية في مكة المكرمة المهم ان المطرة التي استمرت اربعين دقيقة شخمطت ولخبطت وجه الشارع الذي لم ينتهي من سفلتته اسابيع بسيطة فقال الكاتب الحساني ان العيب الذي حصل ليس بسبب ان المقاول قليل ذمة ومن اسند اليه المشروع ماعنده ذمة من الاساس ومن استلم منه المشروع قام بتأجير ذمته انما المشكلة ان الامطار كانت غزيرة بعض الشئ
    ومدتها تجاوزت المطلوب . هذا قبل عشرة سنوات ومااشبه الليلة بالبارحة وهي اسطوانة نفضل نعيد ونزيد فيها ونموت ونحي في حب يحي وفينك يايحي .
    شكرا استاذن الغالي .

التعليقات مغلقة.