… وللسيارات قصة

قرابة العشرة آلاف مركبة تضررت من كارثة جدة. هذه آخر الأرقام المعلنة رسمياً مطلع هذا الأسبوع وهي ترتفع كل يوم. بعض الصحف نشرت ما يقارب ثلاثة أضعاف هذا الرقم، والمركبات تنتشل مثل الجثث، إذ حفر السيل ما يزيد على خمسة أمتار في الأرض. وراء كل سيارة قصة إنسان وأسرة بما فيها من احلام وطموحات. اكثرهم من متوسطي او محدودي الدخل. سيارات بأقساط تحولت من الإيجار المنتهي بالتمليك إلى المنتهي بالموت او التشليح. وتدور حالياً معركة بين من نجا من الموت غرقاً وخسر سيارته وبين شركات التأمين، والاخيرة – إلا ما ندر – تعودت على المماطلة والتسويف والمراوغة، لأن الجهة التي رخصت لا تراقب ولا يذكر لها اهتمام بجمهور المستفيدين او «الممصوصين»، فلا يسمع لها صوت في العادة إلا اذا مست البنوك. تخيّل أن هذا الحجم من الخسائر على ضخامته، وصوره المرعبة التي تفطر الكبد، لم يستدع اجتماعاً طارئاً مع شركات التأمين والجهة المرخصة لهم «ساما»، الشعار المعلن «كل شاة معلقة بكراعها»، أيضاً ضخامة الحدث والخسائر لم تستدع اجتماعاً مع وكالات السيارات من وزارة التجارة. أليس هناك دور لهذه الجهات الرسمية في مواجهة الحدث الجلل؟ أليس من مـــهامها إيجاد حلول تخفف من الاضرار على الناس؟ أم أن الأمـــر ترك للجنة تقصي الحقائق! لا أتحدث عن مسؤولية اجتماعية «زبرقية» بل مسؤولية اساسية تستند على الصلاحيات، يظهر ان سعر «البيبسي» اهم في مسيرة التنمية والأمن الغذائي الوطني، وهو اهتمام «إعلامي» يثير الضحك، الكل يتذكر تصريحات عن لجان مراقبة الأسعار منذ بداية طفرة أسعار المواد الغذائية ولم ينتج عنها سوى إعانات للتجار لم تنعكس ايجاباً على جيب المستهلك. من الجهة الأخرى، لم يقدم تجار السيارات ووكلاؤها شيئاً يذكر، لا إسقاط ديون ولا جدولتها، فهل ينتظرون نضج مصائب القوم لتتحول إلى مزيد من الفوائد لهم؟ فالطلب سيرتفع، والنتيجة «مواطن منته بالديون»، لا شك ان هذا مثير للخجل، وهو صورة للحقيقة الناصعة التي لا تخفيها الحملات الترويجية، في حين يقوم أناس بسطاء ويعرض آخرون التطوع للتخفيف عن المتضررين. وصلتني رسائل من اخوة واخوات تعرض المساهمة بالجهد للتخفيف عن المتضررين في جدة، بل ان واحدة من القارئات ارسلت تعرض ولو تنظيف البيوت المتضررة. ويتداول الناس اخباراً عن عروض «جديدة» على سيارات مخزنة تضررت من كارثة السيول، وفيها صورة لإقرار «يطلب»! فيه المشتري حجز مركبة من دون ضمان عليها، لانها كما يخاتل البائع غالباً «آخر حبة». مثلما كشفت كارثة جدة حجم الفساد، كشفت أيضاً حجم الانصراف والعزلة عن المجتمع وما يصيبه التي تعيشها شركات وجهات رسمية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على … وللسيارات قصة

  1. عمّار حيدر كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد,
    الأستاذ الفاضل عبدالعزيز بما أنك تحدثت اليوم عن شركات التأمين فأرجو أن يتسع وقتك لقراءة موضوعي أو بالأحرى مشكلتي مع التعاونيةللتأمين الطبي حيث أنني أحدضحايا هذه الشركة .لقد اشتركت مع العاونية للتأمين الطبي المميز طبعا من الاسم تستطيع أن تقدّر أنه بمبلغ وقدره ما علينا….وطبعا تأمين الأفراد يعني أن يدفع الشخص من جيبه وليس كموظف شركة أو بنك وهذا النظام حكر للتعاونية فقط مصيبة كبيرة والأصعب لا تعرف أو لا أعرف أشتكي لمن.
    مشكلتي ياسيدي بأني مرضت وراجعت السعودي الألماني ألماني في المشمش عفوا وقرر الطبيب تنويمي طبعا بعد موافقة شركة التأمين التعاونية تمت الموافقة وكله عال العال تصور بعد ثلاثة أيام ألغيت الموافقة بسبب واهي ألا وهو أني مريض بمرض مزمن التهاب في الصدر حيث الطبيب المعالج أكد لي بأن مرضي غير مزمن وقد تم ابلاغ التعاونية بذلك ولكن اللي ما له ظهر ينضرب على بطنه .
    طبعا سددت المستشفى وراجعت التعاونية وتسحيب بكرة يوم الأربعاء بعد أسبوع اجازة العيد الأضحى طبعا ولليوم لاحياة لمن تنادي أستاذي طبعا ليست القصة من نسج مخيلتي حيث أملك كافة المستندات ولكن أروح لمين تمنيت أن تكون التعاونية شركة أجنبية أمريكية مثلا آه كنت على الأقل مليونير طبعا المبلغ مش كبير اللي ما بيصرفوه لكن المبدأ عفوا نحن ما نعرف المباديء طبعا مشكلتي لا تذكر أمام ما أصاب أخواننا في قويزة لكن مع ذكرك للتأمين أحببت المشاركة عسى أن يكون درس للقراء طبعا أو أتمنى لو تكتب عن الشركة يمكن يستحو على دمهم وطبعا هذا مستحيل.

    عمّارحيدر

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    يااستاذي الحبيب شركات تأمين والا شركات تموين مافيه رقابة مافيه متابعة مافيه حزم مافيه
    ردع مافي مافي مافي وكل حي يسبع نفسه بالاخوة بالمحية بالواسطة بالفلوس بالجني
    الازرق .. احد اقربائي في امريكا والا في الجني الازرق شركة التأمين تجري وراءه سبعة شهور
    وهي تعتذر له وهدايا ولاجل الله ولاجل الولي تطلب منه السماح في امر تافه بالنسبة لنا
    لكن هم العالم شعروا انهم اخطاؤ ماشاء الله عليهم عندهم ضمير .
    شكر ابو احمد. ورحم الله والديك

  3. ابوياسر كتب:

    بارك الله فيك وسدد خطاك ونفع بك اخي مقال رائع مثل ماقبله من المقالات استطيع القول بأنك مسددفي مقالاتك فعليك بشكر نعمة الله عليك وفقك الله

  4. عبد الرحيم بخاري كتب:

    أخي عبد العزيز : لقد أسمعت لو نادريت حيا .. و الضرب في الميت حرام ..

التعليقات مغلقة.