ازدواجية فاضحة

البث التلفزيوني المتكرر لشريط التفجير الإرهابي لمجمع المحيا والذي أطلق عليه “بدر” !!الرياض، هل يمكن اعتباره تحقيقا لمبدأ الحرية الإعلامية وفتح المجال “للرأي الآخر”؟!، هل تتصور أنه عمل إعلامي متجرد يهدف إلى تقديم معلومة للمشاهد؟!.
من قبيل السذاجة التصديق بأكذوبة حرية الإعلام المطلقة، المسألة في الحرية الإعلامية نسبية تخضع لعدة اعتبارات مجتمعة أو منفردة، يمكن جمعها تحت عنوان القيم والمصالح… والقيم تختلف من شخص لآخر ومن مجتمع أو مجموعة أو قناة فضائية لأخرى.. مساحة الحركة هنا كبيرة، لكن المصالح أكثر تحديدا ووضوحا.ولك أن تصنفها بين مصالح عليا ومصالح أقل علواً.
شاهدت شريط تفجير مجمع المحيا على قناة الجزيرة أكثر من مرة. ولا أرى جدوى لانتقاد القناة فقد تعلمنا أنه ليس هناك إلا أسلوب واحد للتعامل تجدونه لدى وزارات الإعلام التي توقفت الجزيرة عن إزعاج دولها وشعوبها؟!
لكنني أتساءل عن رأي المظلة السياسية التي تستظل بها قناة الجزيرة في ما بث من دعاية للإرهابيين، أريد أن أفهم هل يعتبرون هذا رأيا آخر؟، إذاً كيف أدانته حكومتهم عندما وقع هو ومثاله من أعمال القتل والتفجير. وأطرح سؤالا آخر على “الغيمة السياسية” التي تظلل قناة الجزيرة فقد قال الانتحاريون إن أحد أسباب عملهم الإرهابي وقتلهم المتعمد هو أن قاعدة الخرج السعودية استخدمت في ضرب العراق.أريد أن أسأل المظلة السياسية التي تحمي قناة الجزيرة، لو جرى .لا سمح الله .غدا أو بعد غد تفجير في الدوحة لأن إدارة الحرب على العراق تمت من هناك و القواعد الأمريكية تستقر هناك، ماذا سيكون موقفهم؟، هل سيبثون الشريط الذي سيكون عنوانه “بدر الدوحة”؟!
لقد حرصت قناة الجزيرة على تضخيم تنظيم القاعدة وزعيمه فساهمت مع الإدارة الأمريكية في غسل العقول وتجهيزها لما سمي الحرب على الإرهاب بحيث تتمادى هذه الإدارة وتحقق كل ما تريد من أطماع، وكان لها ذلك، ثم ساهمت بخبث وطرق ملتوية في استثمار كارثة عراق صدام، فكان مذيع القناة يتباكى من القصف على بغداد والصواريخ تطلق من على بعد مسافة قصيرة منه، ولو أن لدى العاملين في الجزيرة بعض المصداقية لقدموا استقالاتهم نتيجة لهذه الازدواجية التي تعيشها القناة داخل محيطها.
حسنا.. هل هناك مؤامرة؟، أم هناك محاولة لاستثمار أوضاع مستجدة والمشاركة في توجيهها؟
في كلا الحالتين النتيجة واحدة، بث هذا الشريط وأمثاله يحقق هدف التحريض على مثل هذه الأعمال، ورفع معنويات الإرهابيين والمتعاطفين معهم وزيادة البلبلة لدى المتشككين، وإذا تحققت مثل هذه الأهداف فهي نصر كبير لكل عدو لبلادنا وخطر محدق باستقرارنا.
رسمياً .. أذكر للمرة الثالثة أو الرابعة، لم أعد أتذكر!!، بتصريح لمصدر رسمي قال فيه إن عصر المجاملات السياسية انتهى؟، وأستغرب فمثلي يرى أنها مستمرة ولازلنا ندفع ثمنا باهظا بسببها.. ماديا ومعنويا وأمنيا.
شعبياً أوجه حديثي للمصابين بداء شهوة الكلام وانتهاز الفرص للبروز وتسيد واجهات الإعلام، وأقول لهم إن المشاركة بأية صورة مع مثل هذه القناة التي تبث أشرطة تحريض تزرع القلاقل في بلادكم لا يتوافق أبدا مع طروحاتكم المعلنة عن الإصلاح والحوار وإطفاء نار الفتنة.. والحرص على أمن البلاد والعباد، إن في هذا ازدواجية فاضحة، فتوقفوا هداني الله وإياكم عن تقديم العون لهذه القناة ومثيلاتها، قاطعوها، إن مشاركاتكم سواء بالآراء أو بصيغة المراسلين؟!، ليست سوى مساهمة في زعزعة بلادكم وإطالة أمد الإرهاب والقتل والتفجير.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.