عندما أشاهد طريقة خروج الطلبة والطالبات صغار السن من المدارس الابتدائية أصاب بالفزع، تستوي في هذه المدارس الخاصة والعامة، حال من الفوضى المنذرة بالأخطار تصيب الطريق والسائقين، وتتداخل المركبات من اليمين والشمال وترتفع الأصوات، ولو أتيح للبعض طريقاً من أعلى أو أسفل لسلكوه. ويكون الخطر أكبر أمام مدارس البنات، والأطفال في هذه السن قد لا تتجاوز أطوال أكثرهم ارتفاع إطار “كفر” الباص الذي سينقل بعضهم، وتخرج معلمة من المدرسة لتركب مع سائقها، ومن لحظة إغلاق باب السيارة تنتهي قضية التعليم والسلامة، وتتبخر معها الرزانة والقدوة. ولا تعلم من يقود المركبة هل هو السائق أم أن المعلمة تقوده هو والسيارة على طريقتها، ويكون الهدف الرئيسي هو الفرار… الفرار من هذا الزحام. ولا أحد يفكر جدياً بهذه الأرواح الصغيرة المتناثرة بين السيارات.
وأمام باب المدرسة يتم في الغالب التعامل مع الطالبات الصغيرات تعامل الراعي “الجلف” مع القطيع، هناك من يحشرهم من الداخل وآخر يردهم من الخارج، والتوتر على أشده والأعين زائغة تبحث عن ولي أمر أو سائق وسط هذا الزحام. هذا ما يحصل ظهر كل يوم دراسي أمام أبواب مدارسنا، يتحول من يوصفون بأنهم فلذات الأكباد.. وأجيال المستقبل، إلى هم ثقيل الكل يريد طرده عن وجهه.
أما عن السائقين واختيارهم وضبطهم فحدث ولا حرج، ومنذ لحظة الفرار من باب المدرسة يبدأ مشوار السرعة يقوده السائق، وتتأرجح الأرواح الصغيرة مثل كرات في صندوق حديد مغلق، والوقوف المتشنج متكرر والتحرك المتشنج هو الآخر متكرر.
بعد هذا كله ألا تتوقعون أن تأتي أجيال متشنجة نزقة لا تعي ماهية الصبر والرفق، تتعلم في المدارس أن في العجلة الندامة وتشاهد بأم أعينها الصغيرة أن من يعلمها والكبار من حولها هم أول المستعجلين على عجلات مطاطية.
فشلت المدارس والتربية والتعليم في إدارة خروج الطلبة والطالبات، هذا الفشل الذي نراه يومياً هو عنوان لفشل أكبر في داخل الفصول الدراسية.
ما هي فائدة التربية إذا لم تعلم النظام؟ ثم لماذا هذه العجلة؟ وهل المدارس خانقة في الداخل إلى هذا الحد ولماذا!؟ وهل للكبسة وملحقاتها دور في ذلك؟ هل يجب أن نغير موعد “الغداء” أو نبتكر وجبة جديدة ظهر كل يوم من البطيخ واللبن لتهدئة النفوس إلى حين.
نسيت في خضم هذه الحفلة اليومية مطالبات بعض مدارس البنات التي تقع على شوارع عمومية بوضع “مطبات” لتخفيف سرعة الجوعى، منها المدرسة الثالثة الابتدائية بإسكان القطيف المنطقة الشرقية.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط