إصلاح “ساما”

حال احتقان “داخل الكواليس” تعيشها العلاقة بين مؤسسة النقد “ساما” وبعض البنوك السعودية، وأقول “بعض” لأن بعضها بدأ يتذمر في حين ما زالت بنوك أخرى في أفواهها ماء كثير، لا تريد الاصطدام بمؤسسة النقد مراعاة لمصالحها.
 سبب الاحتقان حال سوق الأسهم والتعليق المستمر لأوامر البيع والشراء وتأخرها، الأمر ليس بجديد لكنه هذه المرة طاول كبار المتداولين. في السابق كان التعليق والتأخير وعدم تنفيذ الأوامر محصوراً في الصغار، وهؤلاء تضيع أصواتهم في الفضاء الرحب ويمكن لرجال الأمن “السكيورتي” ردهم بفظاظة أمام أبواب البنوك، الأمر مع كبار العملاء مختلف، أصواتهم أعلى، والخسائر كبيرة ومرشحة للتفاقم، المشكلة في نظام التداول التقني فقد أصيب بالتخمة أو “كرش” كما ذكرت في مقال سابق. “ساما” تقول للبنوك إن المشكلة في أنظمتكم والبنوك تقول العكس، التقنية التي طالما تغنى بها القطاع البنكي تصيبه الآن بأزمة تنفسية حادة ومع من؟ مع الأب الراعي والأم الرءوم مؤسسة النقد. أقترح على “ساما” أن تبحث سريعاً عن الخبير أو فريق الخبراء الذي باع عليها هذا النظام، بودي أن أكتب “بااااااع” عليها، هكذا، حتى تصل السطور إلى القارئ، ثم أين تلك البلابل المغردة عن أكبر وأضخم سوق في المنطقة والأحدث تقنية والتريليونات من الريالات، ألا يغردون سوى في الأفراح؟ ألم تكن تصريحاتهم تلك من المخدرات الضارة بالجسم الاقتصادي الوطني؟
أقترح أن يعاد النظر في الاسم المختصر لمؤسسة النقد العربي السعودي من “ساما” إلى “تعليق”، القضايا المعلقة لديها كثيرة. كتبت هنا قبل أشهر عن شركة تأمين تجمع الأموال من المواطنين لغرض الاستثمار ولم يتحرك أحد في مؤسسة النقد، الآن وقعت فأس جديدة في الرأس ونشرت “الحياة” يوم الاثنين الماضي عن النزاع بين هذه الشركة وبين المواطنين الذين أسهموا معها، أمر يحتاج إلى مقال مستقل، الشاهد أن “ساما” لم تحرك ساكناً وكان يجب عليها أن تجمد أموال الشركات ومنها تلك الشركة مثلما جمدت أوامر المتداولين.
من الاختناقات التي تعيشها سوق الأسهم إلى توظيف الأموال والتأمين، قبلها صمت كبير ثقيل على استغلال المواطنين بقروض مجحفة من البنوك، كل هذا إلى ماذا يشير؟ إنه يشير إلى حاجة ماسة لإصلاح مؤسسة النقد العربي السعودي من الداخل، لقد فقدت هذه المؤسسة الكثير من الكفاءات الوطنية خلال السنوات الماضية، وما زالت على أوضاعها السابقة وكل شيء حولها ينمو ويكبر وهي تكابر، وهذه البنوك المتخمة الآن ترفض أموال المودعين الصغار من الراغبين في الاستثمار لأنها قليلة في رأيها، والشركات التي ستطرح للاكتتاب ومن ثم التداول تتزايد يومياً وإعلانات ودراسات عن السماح لغير السعوديين بالاستثمار في الأسهم… الخ، ولكم أن تتصورا أمام كل هذه التحديات ماذا يمكن أن يحدث؟
 إذا أصلحنا مؤسسة النقد من الداخل سنصلح أموراً كثيرة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.