أندهش من محاولات بعض المسؤولين العرب نفي مصافحة أو لقاء مسؤولين في دولة العدو الصهيوني، آخر هذه المواقف تم خلال ما سمِّي المنتدى الاقتصادي العالمي في الأردن. المسؤولون في الدولة اليهودية يصرون على أنهم صافحوا والتقوا وناقشوا، وبعض العرب ينفون وبعض آخر يخفف من أهمية مصافحة… مجاملة، وتنشغل وسائل الإعلام، هل تصافحوا أم لا؟ وننسى أنهم على أرض دولة عربية، يقوم مسؤول فيها بتقديم وزير الخارجية العراقي لمسؤول إسرائيلي… للتعارف والتواصل وتجاذب أطراف المصالح، على حساب من؟ الله أعلم. وظيفة التسويق هذه لم تكن بدايتها المشاريع والمنتديات ولا المصافحات، تاريخها قديم، الدولة اليهودية مثل فأرة نجسة تمكّنت من الخروج إلى الفناء الأمامي بفعل عوامل وظروف يعلمها الجميع، وخضغ لها بعضهم بصورة مخجلة، هذه الفأرة تتقافز هنا وهناك مرة في شرم الشيخ ومرة في العقبة، في المنتدى الميت في البحر الميت، ينسى المسوقون لإسرائيل خلال المنتديات ذات الطابع الاقتصادي أنها لم توفِّ بالتزامات عليها أكثر من أن تحصى من قبل خارطة الطريق، متمثلة في القرارات الدولية الواضحة والصريحة من هيئة الأمم المتحدة التي صدرت وتناساها المسوقون، تركوا كل تلك النتائج والجهود وراء ظهورهم. القضية بالنسبة لهؤلاء إرضاء الأميركي من خلال الإسرائيلي باستضافة منتديات ومصافحات ومحاولات اختراق أكبر هنا وهناك، تسجيل نقاط لمصلحة العدو سابقاً الشريك “الاقتصادي” حالياً، السؤال الذي يقبع في ذهن كل عربي وكل حر هو لماذا يكون الجهد الكبير والخارق للعادة للمسوقين العرب مصروفاً تجاه كسر ما تبقّى من السور العربي؟ دعوة الباقين على العهد ومن ثم إحراجهم شكل من أشكال السمسرة المقيتة، أين مواقفهم الواضحة خلاف تلك التصريحات الهلامية من عدم انصياع إسرائيل للشرعية الدولية؟ وإذا كان الفلسطينيون مضطرين للتعامل مع الدولة الإسرائيلية فما هو وجه الاضطرار بالنسبة لهؤلاء؟ تحولت الكثرة العربية إلى نقاط ضعف امتلأت بالثقوب التي تنفذ منها الدولة اليهودية بدعم متين من أميركا وتسويق مخجل من دول عربية.
ومن المضحك أن يُستخدم المنتدى الميت لدغدغة أحلام الجماهير العربية بالدعوة إلى اصلاح أوضاعها الداخلية، نعم العالم العربي بحاجة إلى إصلاح كبير، وإذا لم تحتط الدول العربية وتبدأ في إصلاح أوضاعها الداخلية بالسرعة المناسبة فإن الثمن المدفوع سيكون كبيراً، يجب أن تمسك هي بزمام القيادة ومن خلفها شعوبها معتمدة على الله – تعالى – ثم عليهم، وإذا لم تسرع في التحرك فهي تضيف ذرائع كامنة ستُستخدم في المستقبل القريب. الإصلاح للأوضاع العربية الداخلية ضرورة ملحة لكنه لا يمر – بالضرورة – بمحطة الدولة اليهودية. المنتدى الاقتصادي العالمي أخذ النصيب الأكبر من البحر الذي أقيم على ضفافه، منتدى ميت سيقفز مرة أخرى إلى شرم الشيخ ثم يعود، دعونا ندعو المولى القدير أن يغرق هناك.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط