عظَّم الله أجركم

الصلاة على الميت والمشي مع الجنازة إلى المقبرة والعزاء لأهل المتوفَّى سنن أجرها كبير ولها مقاصد عظيمة، هناك من هو أفضل مني لتبيانها، وكلّما دخلت مقبرة “النسيم” في الرياض أجد أن أحوال المقابر وخدمات البلديات فيها في أدنى مستوى، وإذا أضيف إلى ذلك صعوبة اللحظة على أهل المتوفى والمعزين وحرارة الجو والفوضى التي “تنظم” الدخول والخروج وإجراءات الدفن والعزاء فلا يملك الإنسان إلا أن يقول: “الله المستعان”.
 طرحت أكثر من مرة أوضاع المقابر، وتحت العنوان نفسه، وما من مجيب! بعض الإخوة قالوا: دعنا نفكر في إصلاح أمور الأحياء، واترك عنك الأموات. وفي مثل هذا الطرح، بالحديث عن الأحياء وليس الأموات – رحمنا الله وإياهم – فنحن لا نريد زخرفة أو تشجيراً ومسطحات خضراء أو أرصفة للمقابر، الأمر المطلوب بسيط ويحتاج إلى جهد قليل ولا أجد بمعرفتي المتواضعة فيه أي ضرر أو مساس بالعقيدة.
يأتي للمشاركة في الدفن والعزاء ذكور من كل الأعمار، فيهم الأطفال والشباب وكبار السن، فيهم المرضى والمتأثرون نفسياً بموت عزيز أو صديق، إذا كان الدفن نهاراً أحرقتهم الشمس اللاهبة وخنقهم الغبار مع حركة السيارات الفوضوية، فلماذا لا توضع لهم مظلات يأوي إليها كل محتاج؟ ولماذا لا يكون هناك عدد من الكراسي يجلس عليها كبار السن وأهل المتوفى عند العزاء؟ ما المانع الشرعي – إذا كان هناك مانع – أم ان الأمر إهمال من الأمانة؟
 يجتمع الناس على أهل المتوفى في المقابر للعزاء بفوضى عجيبة، فإذا كنا لا نستطيع تغيير ذلك السلوك لأنه مثبت بتاريخ “1/7” المدون في بطاقات الأحوال فلا أقلَّ من أن يكون هناك حد أدنى من التنظيم في المقبرة بوجود المظلات والكراسي التي يمكن نقلها، وإذا كان الدفن فجراً أو ليلاً اضطر الناس إلى اللجوء إلى مصابيح سياراتهم، لأنه لا توجد إنارة في المقابر، فهل يعقل هذا؟!
لا أتحدث عن منظر حضاري “مشرِّف” يجب أن تظهر به المقابر بل أتحدث عن حاجات الناس، من مرضى وكبار سن ومنهكين، لقد شاهدت بأم عيني أكثر من مرة رجالاً يصابون بالإغماء والإعياء بسبب الحرارة المرتفعة والحالة النفسية، والذي أعلمه أن الدين يسر إذا كانت البلدية تتعذر بذلك. وأناشد هنا مشايخنا – وفقهم الله لكل خير – أن يجتهدوا في حث البلديات على التيسير على الناس وعدم الإضافة إلى عذاباتهم عذاباً آخر.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.