السيد “ميم”

إذا قدّم شاب طلب عمل “سيكيورتي” أي رجل أمن خاص سيطالب بشهادة حسن سيرة وسلوك أو خلو سيرته من السوابق، الراتب المخصص لمثل هذه الوظيفة يقبع تحت مستوى خط الفقر الذي لم يتم خطه حتى الآن، سبب عدم رسم خط الفقر هو كون خطوط المسؤولين تختلف عن بعضها بعضاً، لو خط مسؤول نفس خط الذي سبقه قد يتهم “بالشف” وهذا الأخير معروف للطلبة والطالبات، ويحاسبون عليه بالقلم الأحمر، بل ويتهم به حالياً على صفحات الانترنت بعض رسامي الكاريكاتير، ما بالي خرجت عن الموضوع؟! يظهر لي أن الخطوط متشابكة. أعود لحسن السيرة، أيضا عندما يتقدم شاب للعمل أمين صندوق يطالب بشهادة من هذا النوع، وهذا أمر طيب ورائع، لكن إذا أراد شخص ما فتح مساهمة بملايين الريالات لن يطالب بخلو سيرته من السوابق، والدليل المساهمات المعلقة والملفقة، أيضاً إذا أراد شخص ما الترشيح للانتخابات البلدية لن يطالب بشهادة حسن سيرة وسلوك أو أنه ليس عليه حقوق معلقة للآخرين مثبتة رسمياً، أما الدليل على هذا الصنف الأخير فوجدته في مقال ظريف كتبته الدكتورة نجاح بنت أحمد الظهار في جريدة المدينة “17 أيار (مايو) الماضي بعنوان “شكراً للانتخابات”، أختصر لكم هنا سبب شكر الدكتورة لانتخابات البلدية، كان لعائلة الكاتبة محل تجاري مؤجر إلى السيد “ميم”، والميم هنا من “مماطل”، ماطل الرجل ولم يسدد الإيجار، القضية حدثت منذ عشر سنوات، تدور في أروقة الحقوق المدنية في جدة، قام السيد “ميم” بإغلاق المحل وترك أغراضه فيه، وهنا لا يستطيع المالك الاستفادة من ملكه إلا إذا “شاف حلمة أذنه”، معلوم الجهد المطلوب ليستطيع المرء رؤية حلمة أذنه، جرب تعرف.
 وحتى لا أطيل عليكم وبعد سنتين استطاعوا استعادة المحل وبقي الإيجار المستحق “ربع مليون ريال”، لا بد من أنهم صنفوه في قائمة الديون المعدومة، بعد عشر سنوات يأتي الفرج من الانتخابات البلدية في جدة، لأن السيد “ميم” أعلن في الصحف عن نيته الترشيح لخوض غمارها “حرصاً على حقوق الناخبين بالطبع”! ولم تصدق الكاتبة وعائلتها الإعلانات، وبعد البحث اكتشفوا أنه الشخص نفسه الذي ذاب في محافظة جدة منذ عشر سنوات، وبعد مفاوضات مع المرشح حالياً المماطل سابقاً، وفي تلك الفترة الانتخابية الذهبية وافق على دفع مائة ألف ريال فقط لا غير، وكان ذلك، لو أن المتضررين هددوا بإعلان لن يكلفهم سوى ربع المبلغ الذي حصلوا عليه ربما استرجعوا كامل الحق، لكن “من تقرصه الحية يخف من الحبل”.
شهادة الخلو من السوابق خصوصاً في مسائل مثل المساهمات والاستثمارات العامة والانتخابات كيف يُغْفل عنها ويجبر الصغار على إحضارها؟!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.