القومية العربية السياحية

بنفسه حضر سفير إحدى الدول الصديقة في السعودية إلى المستشفى، ليطمئن على وضع أحد رعايا بلاده، إذ توفيت للأخير طفلة صغيرة وفاة طبيعية، وهو موظف عادي في المستشفى، وعلم موظفو المستشفى السعوديون بحضور سفير الدولة المسلمة الصديقة بالصدفة، انتظر السفير حتى اطمأن إلى سرعة إنهاء الإجراءات المعتادة، أكرمه الموظفون، فشكرهم وانصرف. قصص كثيرة مثل هذه يرويها لي أصدقاء أثق بهم، وهم يروونها باحترام لأولئك السفراء، على رغم كثرة العاملين من رعاياهم في السعودية، وهم لا يتذكرون قصصاً مماثلة لسفراء سعوديين في الخارج، يقفون مع مواطني بلادهم في قضايا أكثر حساسية وصعوبة.
عندما ساء التعامل مع السعوديين من سياح وطلبة في الولايات المتحدة الأميركية كان قرار الأغلبية منهم التوجه إلى كندا ونيوزيلاندا وغيرهما من بلاد العالم الفسيح، على رغم أن الولايات المتحدة الأميركية هي في موقع الريادة علمياً وعملياً، وقارة لا تشبع من السياحة فيها، ولكثير من السعوديين فيها ذكريات طيبة، الإشارات الأخيرة من الحكومة الأميركية لاستقبال الطلبة السعوديين والترحيب بهم طيبة وإيجابية، ننتظر أن يتوافق معها حسن التعامل معهم ومع الموقوفين ممن تشتبه فيهم السلطات هناك، ما نطالب به هو أن يتوقف استهداف السعوديين.
وكتبت هنا مقالاً بعنوان “التحذير عنوان للتقدير”، أطالب فيه وزارة الخارجية السعودية بنفض الغبار وتطوير أساليبها في رعاية السعوديين في الخارج، سياحاً وطلبة ورجال أعمال ومقيمين خارج البلاد، وسأظل أطالب وزارتنا الموقرة بذلك، وأكرر أنه من الواجب عليها تحذير مواطنيها من السفر إلى البلدان الخطرة أمنياً، التي يكثر فيها سوء التعامل مع السعوديين، ويمكن لها بحكم أننا نسمع كثيراً عن الشفافية، أن تصدر إحصاءات دقيقة عن عدد الحالات الأكثر شيوعاً في كل بلد يقصده السعوديون، وذكرت في المقال المشار إليه سورية، لأن هناك الكثير من الحوادث التي تعرض لها السياح السعوديون، بعضها نشر في الصحف، وبعض آخر لم يصل إليها، ووصلتني بعض الرسائل على البريد الإلكتروني، بعضها بلغة عادية، والبعض الآخر كيل لي فيه اتهامات بالعمالة لأميركا! والغريب أنه لم تذكر معها كوستاريكا، والتخوين ونقص القومية والمشاركة في استهداف سورية! وهذا خلط لا معنى له، يمكن أن يقال في خطاب حزبي، ينتهي بعبارة صدام الشهيرة، “بالروح بالدم… إلخ”، وهو هروب إلى الأمام بدلاً من مواجهة حقائق الواقع.
هؤلاء السعوديون الذين يسيحون في بلاد الله الواسعة يضيفون إلى اقتصاد تلك البلدان إضافات مهمة، فلا أقل من أن يتم التعامل معهم باحترام وحمايتهم من الابتزاز والسرقات، والقومية يجب أن تتجلى في حسن المعاملة، فليست شعارات للاستهلاك الإعلامي.
وأعود إلى قرع باب وزارة خارجيتنا الموقرة، وأكرر مطالبتي السابقة، وأضيف أن عليها واجب “سعودة” العاملين في سفاراتها، وأنبه وزارة العمل إلى هذه الوظائف، فأين شبابنا منها؟ وليكن شعارها “كوني سفارة سعودية ووظفي سعوديين”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.