نعيش هذه الأيام حملة عالمية لمكافحة الفقر، مشاهير الفن عالمياً استثمروا أو استغلوا – اختر ما شئت – ذلك في حفلات صاخبة وفي أكثر من مدينة عالمية احتفالات غنائية بحضور حشود كبيرة، وقمة الدول الثماني الكبار الأغنياء، تبدأ اليوم في اسكتلندا وعينها على أوضاع قارة أفريقيا، أصابع الدول الغربية الغنية ليست بعيدة نن الجذور الحقيقية للفقر في أفريقيا، بل وغيرها من القارات والبلدان، من الديون الضخمة إلى رعاية الديكتاتوريات، بكل فسادها المالي المعروف واستباحة الموارد الطبيعية بأبخس الأثمان، وإطلاق العنان لشركاتها العملاقة للاستفادة من الفروقات الاقتصادية، وتشجيع التوجه الاستهلاكي مقابل الإنتاج في العالم الثالث المفلس إنتاجيا،
العالم يعيش هذه الموجة الايجابية… فأين نحن من المواجهة الحقيقية الفاعلة لقضية الفقر في بلادنا؟
الجواب أن هذه المواجهة ما زالت حبيسة أدراج البيروقراطية، وما زالت مشاريع مكافحة الفقر تتعطل أو تتأخر مع كل تغيير في الهرم الوزاري المعني بهذه القضية، الموضوع “قيد الدرس”، وهو قيد لامع، قد يكون مصنوعاً من الذهب الحقيقي أو المزيف، وكلما طال زمن الدراسة استفحلت المشكلة وتضخمت ما يجعله يحتاج إلى “قيد” دراسة جديد يواكب المستجدات! وهنا سؤال يُطرح… هل يبدأ المسؤول الجديد من حيث انتهى من سبقه في تولي زمامها، أو لا بد من أن تكون له بدايته الخاصة، سواء في قضية الفقر أو في القضايا الأخرى المحتقنة؟
وعلى رغم الانكفاء الداخلي للجمعيات والمؤسسات الخيرية السعودية العاملة في السابق خارجياً، وظهور بوادر لم تترسخ تشير إلى ضرورة العناية بالفقر الداخلي أولاً ثم النظر إلى الفقر الخارجي، على رغم حدوث ذلك بسبب الاتهامات والتشابكات التي يعرفها معظمكم بعد أحداث 11 سبتمبر، إلا أن هذا التوجه لم يتحول إلى تيار فاعل عملي ينتج أعمالاً شاملة على أرض الواقع، استقر هذا التوجه في خانة الإعلامي والفردي، وظل في حالي مد وجزر، لكن في حدود دائرة الإعلام والتمنيات.
الجمعيات الخيرية هي من الأدوات الفاعلة للإسهام في مكافحة الفقر، وأقصد هنا جميع الجمعيات الخيرية المرخصة لهذا الغرض رسمياً، فلماذا لا تفتح ملفات هذه الجمعيات بشفافية ومعرفة نجاحاتها الحقيقية من إخفاقاتها؟ ومعلوماتي الخاصة تقول إن لدى كثير من الجمعيات أموالاً كبيرة تبقى في موازناتها كل عام وترحل إلى العام الذي يليه، وبعضها اهتم كثيراً بالاستثمار العقاري وغيره، والهدف المعلن هو تحقيق موارد ثابتة… فهل أدت مثل هذه التوجهات الاستثمارية إلى الضرر بالهدف الأساس لهذه الجمعيات وهو الصرف على الفقراء والمحتاجين؟
يقدم الناس تبرعاتهم وزكواتهم للجمعيات حتى تصرف لأصحاب الحاجات… فهل تُصرف في الوقت المناسب؟ وعند إلقاء نظرة سريعة إلى ما ينشر في الصحف عن القضايا الإنسانية لعائلات وأفراد وقرى ومتابعة ردود الفعل، يجد المراقب أن الجمعيات الخيرية هي آخر من يتفاعل مع هذه القضايا.
سبق أن اقترحت على وزير الشؤون الاجتماعية الأستاذ عبدالمحسن العكاس، إلقاء نظرة على موازنات الجمعيات الخيرية، وهذه دعوة جديدة، ربما يجد في تلك الملفات ما يساعده على مكافحة الفقر.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط