بطاقة أحوال للأطفال

في الوقت الذي نحث ونطالب بحماية الشباب من الضياع ومن الوقوع فريسة سهلة لكل ألوان الانحراف الفكري والسلوكي، وفي الوقت الذي نرى على قوائم المطلوبين أمنياً شباباً صغاراً بالكاد تجاوزوا رقمياً عمر المراهقة، وفي الوقت الذي نرى بعضاً منهم انغمسوا في السرقات الصغيرة، والتي ستكبر مع مرور الزمن إذا لم يتم إصلاحهم، وفي الوقت الذي تطالب فيه وزارة الداخلية أولياء الأمور بملاحظة أولادهم ومتابعتهم، في هذا الوقت يصدر إجراء عجيب وغير مفهوم أو مبرر.
أصبح على الطالب المتخرج حديثاً في المرحلة المتوسطة واجب الحصول على بطاقة أحوال مدنية له، حتى يتمكن من الالتحاق بالمرحلة الثانوية! ما الدافع إلى ذلك لا أعلم، ولا يعلم أولياء الأمور الذين تحدثوا إلي وعرضوا خطابات من المدارس موجهة إلى الأحوال المدنية.
يخبرني ولي أمر طالب في الصف الأول الثانوي أن وكيل المدرسة أبلغ الطالب في نهاية هذا العام الدراسي وقبل الامتحانات بوقت قصير ألا يحضر إلى المدرسة إلا بعد الحصول على بطاقة أحوال! والد الطالب مصاب من جراء حادث وهو شبه مقعد، وبالتالي لا يستطيع المراجعة لإصدار البطاقة، ولم تغير هذه الحالة الإنسانية ولا الاتصالات والمحاولات شيئاً عند القائمين على “التربية”! و”التعليم”! فبقي وضعه معلقاً!
ولي أمر طالب آخر أنهى المرحلة المتوسطة، وفيما هو مجبر على مراجعة الأحوال المدنية يتساءل كيف تريدون من الأب ملاحظة ابنه ومتابعته، وأنتم تجبرونه على إصدار بطاقة رسمية مستقلة له، وهو في هذا العمر الصغير؟ إذا خرج الفتى من دفتر العائلة وأصبح لديه بطاقة خاصة يستطيع التنقل بها، والسكن بعيداً، واستخراج كثير من الوثائق والتوقيع على كثير من الالتزامات، وغيرها من الأمور المعروفة، كيف يمكن لولي أمره ملاحظته وحمايته وبالتالي حماية المجتمع من أي فئة يمكن لها استغلال مثل هذا الإجراء العجيب؟ ألا يستطيع مثل هذا الفتى وفي يديه بطاقة أحوال أن يستخرج جوازاً بصورة أو بأخرى ونفسه تواقة للسفر؟ ألا يستطيع التنقل بين مناطق السعودية الشاسعة بحرية ومن دون الرجوع لوالده؟! ونحن نعلم أن هناك زوايا في أرض بلادنا الممتدة فيها ما فيها.
وقبل أن يصدر قرار بإلغاء هذا الإجراء غير المبرر وهو ما يجب أن يحدث، نريد أن نعلم عن الحيثيات والمبررات التي أوجبت نفاذه، وما هي النتائج الإيجابية المرجوة من تكليف الناس بتطبيقه؟ عندما تطالب وزارة الداخلية أولياء الأمور والمواطنين بالتعاون معها يجب أن توفر بيئة التعاون المناسبة، ومن أولوياتها أن يعلموا سبب مثل هذا الإجراء.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.