المدير «غاطس»!

كان للمدير في الجهاز الحكومي حضور كبير في وسائل الإعلام، أخبار ومقابلات وتصريحات، بل إن وسائل الإعلام إلى فترة قريبة كانت تجامل المدير، بحثاً عن خبر جديد أو تم تجديده، طبعاً الأمور في الجزئية الأخيرة اختلفت جذرياً، أصبح طلب وسائل الإعلام متركزاً حول طلبات الإيضاح والرد على ما ينشر أو يشاع، يكاد يكون هذا هو العمل الرئيس لوسائل الإعلام الآن، صار صوت الأخير أقوى، أكثر دقة وتلمساً للمفاصل الأهم.
ومع التغيّر الإعلامي الجذري «الطلب والعرض»، لوحظ انكفاء المدير في الجهاز الحكومي داخل مكتبه، والمدير هنا يشمل كل مسؤول عن إدارة أو جهاز، أصبح من المعتاد الآن الرد على مقالة أو خبر باسم الجهاز أو الإدارة من دون ظهور اسم شخص مسؤول! تحوّلت الأجهزة الحكومية وإداراتها «أيضاً مؤسسات وهيئات أخرى» إلى حصن ودرع يتم التمترس خلفه، يذيل الرد بتوقيع، وزارة كذا، أو إدارة العلاقات في كذا من دون اسم بشر، يبدو لي أن وسائل الإعلام في حاجة لتقنيات مواقع البريد الإلكتروني، خطوات التأكد أن الخطاب أو الرد صادر عن إنسان لا من ماكينة، فلا إدارة من دون مدير «طبعاً هناك مديرون من دون إدارات». تزايد هذه الظاهرة يفقد الردود الرسمية قيمتها، ويستغرب من المسؤول الأرفع في الجهاز الصمت عن ذلك.
الكامن وراء الظاهرة أن لا أحد يحب فوهة المدفع كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً، يضاف له أن أكثر الإيضاحات غير مقنعة، وتخفي أكثر مما تظهر، لكن حين الحديث عن «إنجازات»، تبرز الأسماء الثلاثية مع صور منتقاة تزدحم بها عدسة الكاميرا. الظاهرة فرصة لوسائل الإعلام، خصوصاً الصحف لعدم نشر مثل تلك الردود، لأنها غير مذيلة بتوقيع، على سبيل المثال يمكن التعذر بالقول…، ما الذي يؤكد أنها غير مزوّرة! وهكذا فإن المسؤولية العائمة تنتج مديراً غاطساً.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

رد واحد على المدير «غاطس»!

  1. الاستاذ عبدالعزيز سلمه الله
    التميلح والتصريحات المعدلة راح وقتها وصار الجميع امام ضغط واضح من المتلقي والاولين ماخلو للتالين شي وعلى قولتهم ( امر الله شق القربة)

التعليقات مغلقة.