الستر الصحي

من قراءة لضوابط ستر عورات المرضى، والتي أصدرها وزير الصحة ونشرتها الصحف، يفهم أن الممرضة أو رئيسة التمريض هي المسؤولة الأولى عن قضية الستر، ونعلم أن غالبيتهن من الأجنبيات! وهذه القضية طرحت في الصحافة قبل سنوات، وقبل أربع سنوات أو أكثر كتبت عن حالات مريضات استغلت أوضاعهن الصحية وهن تحت المنوم أو المخدر، هذا قبل سنوات، أما قبل أشهر قليلة فقد كتبت عن قضية المواطنة “مزنة” التي نشرت “الحياة” قصتها بالتفصيل واتهامها بعض الأطباء بالتحرش بها، وعلى هذا الأساس أتوقع أن تصدر نتائج التحقيق في تلك القضية، إذا صدرت.. بعد أربع سنوات أو أكثر! وعندما أكرر التذكير بقضايا من هذا النوع تحولت إلى قضايا رأي عام فليس لي من هدف سوى قطع الطريق على من يستغل مثل هذه الأوضاع، سواء أكان يلبس ملابس الأطباء أو عمال النظافة، وعدم التحقيق السريع والإعلان عن النتائج وإعادة الحق لأصحابه وضياعه في دهاليز اللجان يؤدي إلى تكرار الخطأ، ويصبح أمراً لا يستغرب.
الضوابط التي صدرت جيدة  وكافية، وينقصها معرفة ماذا سيتم في حق من يتجاوزها! هذا هو الذي لم يذكر في الأخبار التي نشرت.
ليس هناك أكثر من الأنظمة التي لا تطبق، والسبب أن المحاسبة مفقودة، وأن هناك حصانة عجيبة للطاقم الطبي، إضافة إلى أن متاهة الدهاليز تبتلع الكثير من القضايا حتى يصاب أصحابها باليأس والإحباط.
تحتاج مثل هذه الضوابط حتى تكون فعالة ومحترمة إلى بيان للعقوبات على المتجاوزين، هذا أولاً، وثانياً: تحتاج إلى صدور قرارات معلنة في قضايا معلقة مثل قضية “مزنة” وغيرها، وإذا لم يتم ذلك فإن هذه الضوابط ستتحول إلى تعميم يضاف إلى تعاميم سابقة، ولن تنتهي مسؤولية أصحاب القرار في الوزارة عند إصدار ضوابط.
أيضاً، يجب أن تطبق هذه الضوابط على المستشفيات “التعليمية”، أو الجامعية والتي تعوّد العاملون فيها على استخدام بعض المرضى للتعليم والتدريب!
وكنت في السابق أعتقد بوجود مثل هذه الضوابط، وأن ما يتم ليس إلا تجاوزات، اتضح أنني متفائل كثيراً، وهناك سؤال يشغلني ولم أجد له إجابة وهو: هل يقسم الطاقم الطبي من أطباء وغيرهم على كتاب الله تعالى قبل مباشرتهم للعمل أم لا؟
وفي الضوابط مادة تقول: “يجب معاملة المرضى برفق واحترام مشاعرهم والحفاظ على خصوصياتهم والحرص على ستر عوراتهم… الخ”. أما الرفق فهو للأسف قد نزع من قلوب البعض عند تعاملهم مع المرضى، من الاستقبال إلى غرفة العمليات، وكيف يكون هناك رفق في مقابل تجارة ونسب تتزايد مع كل مريض يمر على الطبيب، القاعدة الطبية للأسف تقول “اللي بعده”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.