«المالية على حق»… إذاً لم لا تتحرك؟

تعليقاً على مقالة «هل تتواضع المالية قليلاً؟»، التي ناقشت نظام المنافسات الحكومية، ودوره في كثرة مشاريع التعثر. أرسل المستشار أحمد الحمدان رداً يؤيّد فيه وزارة المالية، ولأهمية ما جاء فيه أنشره كاملاً:
«اطلعت على مقالتكم حول ترسية العطاءات على أقل الأسعار ورأي وزارة المالية في ذلك. أنا مع وزارة المالية، ليس لأنني كنت أحد منسوبيها، ولكن إذا كان العطاء المتقدم ملتزماً بالشروط والمواصفات، ومُقدماً لجميع الضمانات البنكية اللازمة، ولديه سابق خبرة، ومصنّف لدى الجهات الحكومية وأقل الأسعار، فليس هناك حل إلا الترسية على هذا العطاء.العلة ليست هنا، الموضوع يكمن في عدم وجود محاسبة تكاليف مسبقة ودقيقة للمشاريع، خصوصاً الضخمة منها، قبل طرحها كما تعمل الشركات الكبرى مثل أرامكو وسابك والجبيل وينبع، التي تعطي هذا الجانب أهمية كبرى، مع إعطاء العطاءات المتقدمة هامشاً يسمح لها في حدود 10 في المئة زيادة أو نقصاناً عما تم تقديره، ولا تُقبل العطاءات التي تزيد مبالغها أو تنقص عن ذلك، ولذلك نرى مشاريعهم ناجحة ومنفذه من دون تعثر. وسبق أن اقترحت إنشاء مصلحة أو مؤسسة عامة تُسمى «مصلحة محاسبة التكاليف»، يكون جُل موظفيها من المهندسين والمحاسبين القانونيين، تكون مرتبطة برئاسة مجلس الوزراء مباشرة، وتُعرض عليها المشاريع من الوزارة المعنية، وتقوم بإعداد دراسة مستفيضة للأسعار، حتى يتم تقدير الكلفة المعقولة قبل عرضها على وزارة المالية، التي أرى ألا تقبل اعتماد أي مشروع قبل درس التكاليف من الوزارة المعنية مع مصلحة محاسبة التكاليف، وبالتالي تكون مشاريعنا ومناقصاتنا معروفة السعر مسبقاً، وتنفذ من دون تعثر، وأيضاً بمنأى عن المغالاة في الأسعار أو الانخفاض غير المبرر. أما ما هو حاصل الآن، فلن تجد معه إلا تعثر المشاريع، فليس معقولاً أن التقدير لمشروع ما يكون في حدود 50 مليون ريال، وتتم ترسيته بـ25 مليون ريال مهما كان العطاء مستوفياً لكل المتطلبات الرسمية، وهناك جانب آخر لا يقل أهمية عما ذكرت، وهو إسناد العمل من المقاول الرئيس إلى مقاولين من الباطن، وهذه علة بل مرض يسري في كل المشاريع أرى معه عدم السماح بمقاولي الباطن، وإنما تكون المسؤولية كاملة على عاتق المقاول الرئيس، كما أن هناك نقطة مهمة جداً، وهي عمل قائمة سوداء بالشركات التي يتكرر تعثرها، وذلك بعدم إسناد أي مشاريع جديدة عليها. عموماً أرى أنه آن الأوان لإعادة صياغة النظام المالي في المملكة من كل جوانبه (الهيكلة، نظام المناقصات والمشتريات، الرقابة المالية)، إذ يوجد في المملكة جهات رقابية عدة: وزارة المالية (قبل الصرف)، وديوان المراقبة العامة (بعد الصرف)، وهيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة مكافحة الفساد،بجانب الرقابة الداخلية للوزارات، وعلى رغم ذلك لم نسلم من الأخطاء وغيرها.
أشكركم على اهتمامكم الدائم بما يهم الوطن والمواطن.. وفقكم الله».
أخوكم المستشار أحمد بن عبدالعزيز الحمدان».
وبدوري أشكر المستشار أحمد على طرحه المفيد، ولدي سؤال بسيط، إذا كانت وزارة المالية معنية بإيقاف الهدر والتأكد من «صحة» المشاريع، لماذا «لم» أو«لا» تتبنى الاقتراحات المذكورة لإنشاء هيئة متخصصة «مستقلة»؟ قد يسأل أحدكم لماذا المالية؟ لأن اللوم دائماً يقع عليها، أيضاً هي معنية بحسن توظيف الأموال.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.