التفاعل الضعيف

توقعت أن يكون هناك تفاعل اكبر مع الأمر الملكي بزيادة الرواتب من رؤساء مجالس الغرف التجارية ومجلس الغرف السعودية، وخاب ظني، فقد توقعت أن يقوموا هم أولاً، لأنهم القدوة لمنسوبيهم من رجال الأعمال، برفع رواتب العاملين لديهم والإعلان عن ذلك في وقته، وحث زملائهم رجال الأعمال الآخرين على القيام بالفعل نفسه، مثل هذا لم يحصل، وهو مؤشر لا يبعث على التفاؤل  في أمور أخرى، ولعل المتابع لمس وعايش التصدي الذي مارسه جزء مهم من القطاع الخاص لقضية السعودة منذ بداية الإعلان عنها خياراً استراتيجياً للدولة. قدمت كل الأعذار ووصل الأمر إلى التهديد بالخروج بالاستثمارات إلى أسواق أخرى، ووصم الموظف السعودي بكل عيب، بل ان “دراسة” للغرف التجارية لم تترك صفة سلبية إلا علقتها برقبة الموظف السعودي، لكل هذا لا أتفاءل بتجاوب حقيقي ايجابي ملموس مع زيادة رأسمال صندوق التنمية الصناعي، مثلاً، على رغم أن هذه الزيادة ستذهب إلى قروض جديدة لرجال الأعمال، وبمثل رد الفعل السابق لن نتقدم خطوة واحدة إلى الإمام في الحد من البطالة والفقر، ولقد رأينا أن لهذه الآفة البطالة دوراً في الإرهاب والانحراف وتكاثر السرقات، وعندما بدأت أكتب عن أثر البطالة اقتصادياً واجتماعياً، وفي بواكير إطلالة وجهها القبيح، وربطتها بالإرهاب والإرهاب الجنائي قبل سنوات، قوبلت بالسخرية والاستغراب من البعض.
وزير العمل بعث بخطاب شكر وتقدير إلى إحدى المؤسسات الكبرى لأنها، بحسب علمي، أول من بادر بالتفاعل مع الأمر الملكي، وهو ما تشكر عليه، وفي الخطاب  مطالبة واضحة من الوزير للقطاع الخاص بالتفاعل الإيجابي مع الأمر الملكي الكريم، لم نجد لها أثراً يذكر لدى الغرف التجارية.
 يتساءل بعض القراء من موظفي شركات أخرى: هل ستشملهم الزيادة؟، ولست أعلم… لأن القرار بيد مجالس إداراتها، لكنني أذكّر هؤلاء الأخوة بأن موظفي الحكومة ومنذ عقود لم يحصلوا على زيادات تذكر على رغم ارتفاع كل الأسعار تقريباً.
ويتساءل آخرون عن ضبط أسعار السلع في مقابل الزيادة في الرواتب، وهذه قصة طويلة، فمنذ زمن بعيد قيل لنا ان السوق يحكمها العرض والطلب لأننا نتبنى اقتصاداً حراً، وهذا غير صحيح، لأن في أسواقنا كثير من “احتكار القلة”، لذلك لا أتوقع أمراً ايجابياً من الرقم المجاني الذي وضعته وزارة التجارة للإبلاغ عن الأسعار، وجرب أنت عزيزي القارئ، اتصل وأبلغ عن مطعم يبيع المشروب الغازي بخمسة أضعاف ثمنه في المحال المجاورة. سندخل في إشكاليات: هل القضية تتبع التجارة أم البلديات؟ وسيبقى الأمر على ما هو عليه، القضية يا سادة أن الأدوات الرقابية لدينا ضعيفة، بل موجودة شكلاً، أما السبب، فهو ما نبحث عنه بلا جدوى!.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.