“صبه أحقنه”

صورة مضحكة لعامل يعرض نفسه على رجل أمن ليقبض عليه حتى يتم ترحيله مجاناً، نشرتها أكثر من صحيفة، وما زالت الصورة عالقة في الذاكرة، وقصة أخرى عن الترحيل المجاني نشرتها “الحياة” قبل أشهر، وفيها ما فيها من طرافة الأوضاع المقلوبة في قضية العمالة المخالفة، تبدأ القصة باكتشاف صاحب محل لبيع الهواتف الجوالة سرقة مبلغ كبير من محله، ولاحظ اختفاء ثلاثة من العمال لديه، ماذا فعلوا بعد السرقة؟ ذهبوا إلى إدارة الترحيل وسلموا أنفسهم، ولأن إدارة الترحيل في جدة إدارة نشطة وإيقاع العمل فيها سريع، إلى درجة نتمنى أن تصاب أجهزة حكومية أخرى بسرعة أدائها، قررت ترحيل العمالة قبل التأكد من أوضاعها. لحق صاحب المحل بالعمال المتهمين قبل مغادرتهم الميناء بدقائق، وأخبر الأجهزة الأمنية العاملة في الميناء عن السرقة، لكن هذه الأخيرة رفضت إيقاف ترحيل هؤلاء، عملاً بسرعة الأداء والترحيل! والحجة أنه لا يوجد بلاغ عنهم! وسافر العمال مع الغنيمة… وعلى المتضرر اللجوء إلى جدران محله!
مع استمرار الحملات الأمنية لترحيل العمالة المخالفة أستطيع القول ان هناك “بزنس” كبير في قضية الترحيل، هذه الأعداد الكبيرة من العمالة المخالفة التي يكلف بقاؤها في إدارة الترحيل أموالاً طائلة، وقد لا تستوعبها مقارها، يتم اللجوء إلى الإسراع في الترحيل من دون اهتمام كبير بأوضاع المرحلين والحقوق لهم أو عليهم، أما قضية عودة جزء مهم من هذه العمالة إلى البلاد بطرق غير شرعية، منها تزوير جوازات السفر، فهو “بزنس” من نوع آخر، ومع سرعة أداء إدارة الترحيل في القصة التي ذكرتها “الحياة”، لا نجد من وزارة الداخلية أي سرعة أداء في الحد من عودة المبعدين، ليس هناك ولا  حتى وعود رسمية بتطبيق نظام البصمة أو البؤبؤ، أو غيره، حتى تلك الوعود التي كانت تقال في السابق وتوضع في بند “قريباً” لا تظهر للعلن، وكأن وزارة الداخلية مبسوطة وهي “تغرف” من بحر، وفي جانب آخر أوقفت وزارة الحج 14 شركة للعمرة، وبحسب ما نشرته جريدة “الوطن” فإن السبب يكمن في أعداد المتخلفين الكبيرة من المعتمرين الذي وفدوا للبلاد عن طريق تلك الشركات والمؤسسات، أصحاب هذه الشركات يقولون انهم لا يستطيعون متابعة كل معتمر ولا يعرفون نواياه، خصوصاً أن حجز جواز السفر ممنوع عليهم، ويقول أحدهم ان بعض النساء القادمات للعمرة يحضرن محرماً معهن على أنه زوج أو قريب ثم يتبخر هذا المحرم بمجرد أن يصل إلى البلاد.
وزارة الحج قررت الاجتماع بالشركات الموقفة عن العمل، وأقول: “كل اجتماع وأنتم بخير” ، وأقترح أن يكون البند الأول في الاجتماع مناقشة المثل الشعبي القائل “صبه أحقنه”!.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.