“ا ل ع ر ا ق”

نعيش أياماً حاسمة سيتقرر فيها مصير العراق العربي، الجمهورية العراقية التي نعرفها ربما تصبح في ذمة التاريخ!، تتحقق أحلام إسرائيل في العراق بأياد أميركية أو متعاملة مع أميركا، وها نحن نعيش ميلاد تقسيم العراق رسمياً وبأيدي بعض من أبنائه، الحجة الأساسية عند أصحاب طرح صيغة الفيديرالية الشاملة تهدف إلى منع ولادة دكتاتور جديد، يعيد تاريخ نظام صدام الدموي! وهو سبب غير مقنع، لأن الدكتاتور الذي تم تحطيم تمثاله وسط بغداد، فرخ  أكثر من دكتاتور صغير مع تغيير بسيط في اللافتة، لا بد من التأكيد أن نظام صدام وممارساته من الأسباب الرئيسة لما حدث ويحدث في العراق، هذه حقيقة.
الإعلان عن نوايا التقسيم بدأ منذ الاستهداف الإعلامي لما أطلق عليه “المثلث السني”، هذا المصطلح غير المعروف سابقاً في العراق تم الزج به وتناقلته كثير من وسائل الإعلام العربية من دون تدقيق، وأصبح تكراره في نشرات الأخبار وأخبار الصحف أمراً عادياً، وعلى رغم أن هناك الكثير من الشرائح العراقية التي ترفض مسودة الدستور الحالية، أحزاباً وطوائف، إلا أنه يتم التركيز على الطائفة السنية، لأنها مستهدفة مِن قبل مَن أتى بالقوات الأميركية المحتلة، لقد تم رسم وتكوين خصم يربط مرة بالبعث ومرة بالإرهاب.
 ووحدة العراق التي كانت الجملة الأكثر انتشاراً أيام الغزو الأميركي – البريطاني وبعد سقوط نظام صدام، ثم إبان فترة مجلس الحكم، بدأت تتبخر رويداً رويداً، والدول العربية مشغولة بأوضاعها الداخلية، إما بالإرهاب أو الانتخابات، والجامعة العربية الضعيفة أصلاً ليس لها من سلاح سوى التصريحات.
من حق كل أطياف الشعب العراقي أن تحافظ على حقوقها، بل ان هذا من الواجب لتشييد دولة قانون يحترم فيها المواطن، السؤال: لماذا يتم هذا عن طريق تقطيع أوصال الدولة العراقية الحديثة، ودس السم في ما يسمى بالدستور؟ ولماذا تقاتل فئات من القوى السياسية العراقية لنزع صفة العروبة عن العراق، النغمة السائدة أو الجواب: أن العرب لم يفعلوا شيئاً للعراقيين أثناء حكم صدام، والسؤال المقابل: هل سبق للدول العربية أن فعلت شيئاً يستحق الذكر داخل المنظومة العربية؟ الجواب بالنفي القطعي.
لدي يقين أنه لا يوجد شعب عربي قاسى من الحكم في بلاده مثل الشعب العراقي، لقد عرفت هذه المعاناة عن قرب في فترة من الفترات، لكن ما يحصل لا يعني سوى أن المعاناة المقبلة ستكون أكثر قسوة. وهو ما لا نتمناه لإخواننا في العراق من عرب وكرد.
أبعد جورج بوش الإرهاب عن بلاده، كما يقول، ووضع العراقيين مصدات لحماية الجنود الأميركيين، وها هو يزرع قنبلة التقسيم، والمحافظون الجدد، ومن ورائهم إسرائيل، يفكرون في دولة عربية أخرى.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.