أمواج تسول

ظواهر نوعية جديدة سيئة تطل برأسها علينا، أقول ظاهرة وأعني ما أقول وأقصد بالنوعية هنا التجديد في أساليب التسول، لأن ظاهرة التسول معروفة ومعلومة في كل زاوية شارع.
أصبحت هناك أساليب جديدة في الشحاذة يستخدم بعضها تقنيات الاتصال والإعلام، وهو بعض الجديد هنا، تطور الأمر من استخدام العاهات الجسدية والتمثيل في الشوارع والصكوك المزيفة إلى أساليب جديدة، هنا نوعان من شحاذة 2006، التي تستخدم الإعلام أو ما ينشر فيه، خذ مثلاً، نعلم أنه ومنذ فترة أصبحت أخبار السعي لعتق الرقاب وجمع الأموال لبعض المحكومين والمنتظرين ما بين القصاص أو الديّة، مثل هذه الأخبار صارت متداولة في الصحف، ولا شك في أنه سعي حسن، الذي يحدث الآن أن متسولي 2006 اهتبلوا الأمر، وإذا كان لديك مجلس مفتوح أو استراحة ربما تفاجأ بمجموعة من الرجال بهندام حسن، ولهجة مركبة، يدخلون عليك وأنت في أمان الله مع أصحابك، يسلمون ثم يقولون لك: “ما فيه إلا سلامتكم… إلى آخر السبحة”، يكون المطلوب ملايين دفعوا نصفها ويرغبون أن تشارك بما تستطيع بحثاً عن الأجر طبعاً الذي يستغلونه إلى أبعد حد.
عندما دخلت مجموعة من هؤلاء على صديقي “الذهين”، من فوره سد طمعهم بقوله إن عليه أقساطاً! لكن دخلتهم عليه عزيزة، وربما يستطيع مساعدتهم بالتدخل لدى بعض المحسنين، وعندما يطالبهم بشيء مكتوب ووثائق يستأذنون ويرحلون لأنهم على سفر وقادمون من أقاصي البلاد أو من حد من الحدود.
ومن الشحاذة الجديدة،الاستغلال العاطفي لأهالي المتوفين، كيف؟ عندما ينشر خبر عن وفاة إنسان “رحمنا الله وإياكم وغفر لأمواتنا وأمواتكم” ويشار إلى أقاربه وتوضع أرقام هواتفهم، في الخبر أو الإعلان حتى يتسنى لمن يعرفهم العلم والقيام بواجب العزاء، يأتي سيل من الاتصالات الغريبة، اتصالات تعزي ثم تختم بالشحاذة، بل تطور الأمر إلى إرسال رسائل جوالية، وزاد إلى الاتصال وإلقاء قصائد شعبية! في المتوفى من خلال الجوال ثم بعدها يأتي طلب المال بكل بجاحة وقلة حياء، ولو لم يجد أمثال هؤلاء المستغلين في الظرف الإنساني لأهل المتوفى فائدة من الاتصالات والمحاولات لما استمروا فيها، والظاهرة متزايدة، ولم يعد الأمر يقتصر على الطائفين حول آلات صرف النقود المصرفية، أو المنتظرين أمام أبواب المصارف، فقد أصبح ادعاء الجوع وعدم الحصول على وجبة غداء أمراً عادياً، الغريب أن ادعاء الجوع يأتي غالباً من شبان من دولة مجاورة يقترب أحدهم منك قائلاً إنه لم يجد ما يأكله منذ يوم أمس ورفيقه يقف بعيداً وهو يلوك عود أسنان.
نحن في شهر شعبان وعلى مشارف شهر رمضان المبارك ولأن الأجهزة الحكومية المعنية بالتسول “على حطة يدك”، أتوقع موجات تسول لن يضيع فيها سوى المحتاجين الحقيقيين.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.