مرة أخرى أجد الواجب يدفعني لتكرار طرح فكرة إنشاء إدارات للتفكير في الأجهزة الحكومية، وحتى تصل الفكرة أشرح لكم رؤيتي لوضع الموظف الحكومي من حيث الأداء.
جانب من رأس الموظف في الجهاز الحكومي مشغول بتطبيق النظام واللوائح التي يسير عليها العمل، لا يخرج عنها، وعذره القائل “هذا هو النظام” مقبول ومعقول، فهو لا يستطيع تغيير اللوائح والأنظمة، الجانب الآخر من رأس هذا الموظف مشغول بوضعه الوظيفي، الترقيات والعلاوات وربما الدورات إذا أتيحت، المعنى أن هذا الموظف ترس في آلة، ولا عيب في ذلك، نحن بحاجة إلى التروس لتعمل الآلات، لكن الترس لا يفكر في المعوقات الناشئة. وتغيير وضع ما يحتاج إلى لجان واجتماعات طويلة، وقد لا تسفر عن شيء يذكر.
لنأخذ أمثلة بسيطة تشير للحاجة إلى إدارات للتفكير، رجل أعمال صغير يستقدم مهندساً في تخصص معين، ويضع في تأشيرة الاستقدام المهنة المحددة، يصل المهندس، وعندما يريد استخراج رخصة عمل لا يجد لدى وزارة العمل تصنيفاً مماثلاً لمهنته بشكل متطابق، فيتم تصنيفه بمهنة قريبة منها، يذهب هذا المهندس إلى الجوازات لأي شأن، فيقال له إن مهنته في تأشيرة الاستقدام غير متطابقة مع رخصة العمل، وتبدأ الدوامة، يتحول هذا المهندس أو رئيسه إلى معقب لإصلاح إشكال لا علاقة له به، و يدفع رسوماً جديدة إضافة الى ضياع الوقت والجهد.
خذ مثلاً آخر، مستثمر آسيوي وصل إلى البلاد، ولديه فكرة استثمارية نحن بحاجة لها، تدعمها خبرة كبيرة ورأسمال، وحصل على رخصة استثمار أجنبي مبدئية من هيئة الاستثمار، وأراد أن يستخرج سجلاً تجارياً، فلم يستطع، أهل الإقامة قالوا له أحضر السجل التجاري لنعطيك الإقامة، وأهل السجل التجاري ردوا قائلين أحضر الإقامة لنعطيك السجل! عاش الرجل في دوامة المعقبين شهوراً طويلة، ودفع مبلغاً محترماً، والنتيجة لا شيء، قرر السفر إلى دولة مجاورة وبدأ العمل.
تظهر مثل هذه القضايا لدى رجال الأعمال بصورة أكبر، لأنهم يفكرون في البدائل، ولو تفحصنا قضايا المراجعين للأجهزة الحكومية في شؤون أخرى سنجد أمثلة لا تعد.
ولدى المجربين أفكار خلاقة، يمكن لإدارة التفكير المقترحة الاستفادة منها، ولو بحثنا في بعض الشكاوى لوجدنا منها المفيد، لكنها تضيع في الأرشيف تحت كلمة “يحفظ”، خذ فكرة للجوازات ستخفض عدد مراجعيها إلى النصف، في قضية تجديد الإقامة، التجديد حالياً يتم من خلال آلات الصرف البنكية، ويظهر في إشعار التسديد رقم الإقامة، لكن صاحب الحاجة مضطر لمراجعة الجوازات لوضع الملصق، ألا يمكن الاكتفاء بوصل التسديد ونحن نتحدث عن الحكومة الالكترونية.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط