استقالة مجلس إدارة نادي جدة الأدبي، وردود الفعل التي صاحبتها مما يسمى الوسط الثقافي تدفعني للكتابة عن ثقافة غير موجودة في مجتمعنا، وهي ثقافة الاستقالة، الإقدام على الاستقالة أمر غريب في مجتمعنا وغير مصدق، وغالبية المستقيلين لا يصدقون، بفتح الدال، من محيطهم، أنهم من اتخذ القرار! فلا بد من أنهم مقالون.
الأصل في مجتمعنا هو الاستحواذ والتملك، وكرسي الوظيفة أصل من الأصول مثل المنزل لا يمكن النزوح عنه إلا بترقية أو “نزع” ملكية لإنشاء طريق عريض يبتلع ذاك المنزل وصاحبه، العذر الجاهز لديهم “ما يستغنون عني.. وش أسوي”.
استقالة عبدالفتاح أبو مدين رئيس مجلس إدارة نادي جدة الأدبي وفريقه، وهو من أنشط الأندية الأدبية في السعودية، جاءت غالبية ردود الفعل عليها من الصفحات الثقافية ومحرريها، استبشر بعضهم، وامتدح بعضهم آخر، وثالث طالب مجالس إدارات أخرى بالاستقالة، كل هذا كلام طيب وتوجه حسن، لكن لدينا مبدأ معروف يقول: “لا تنهى عن أمر وتأتي مثله”! انظر عزيزي المتابع للصفحات الثقافية في صحافتنا إلى أوضاعها أليست شبيهة بالأندية الأدبية؟ التمسك بتلك الصفحات بالنواجذ، ورهنها للمقايضة الصحافية الممقوتة هو الغالب عليها، القاعدة الذهبية في تلك الصفحات تقول: “اكتب عني واكتب عنك!”، وربما استكتبك في صفحتي…”حقتي”! ويفضل حتى تكون من الحواريين أن تكتب عن إنتاجي! ألست مشرفاً على هذه الصفحة إذاً هي ملكي أنا، “البسطة” أو البضاعة في “الفترينة” لا بد من أن تكون بضاعتي أو بضاعة من اهتم ببضاعتي! لذلك تجد تحت بند الثقافة والمثقفين وعلى صفحات تسمى صفحات “الأدب”! كثيراً من أسماء تأتي من الخارج شهادتها الوحيدة هي الكتابة عن بضاعة المحرر أو التوسط ودعوته لمعرض أو منتدى إلخ… وليس في الاستكتاب من الخارج ضرر بل هو مطلوب لكنه يقيد في صفحات الثقافة بأغلال المقايضة، ربما يكون الخطأ الأصل من مديري التحرير أو رؤسائهم لأنهم عندما يكلفون محرراً بتحرير صفحة يتابعونه بهذا الشكل: “وين صفحتك؟” أو “تأخرت صفحتك”، فيبدأ المحرر المسكين بالتصديق أنه مالك للصفحة ولديه صك شفهي ومن “براطم” المدير!!
فيا إخوتي يا من هلّلْتم لاستقالة الأستاذ أبو مدين هل ابتهاجكم أتى بحثاً عن منصب ثقافي؟ وهل احتكار الكراسي ممنوع فقط على رؤساء الأندية الأدبية وحدهم؟ وما الفرق بينكم وبينهم؟ هل تختلف أنديتكم كثيراً عن الصفحات الشعبية؟ مثقفون على هذه الشاكلة لا يستحقون سوى أندية مثل أنديتنا، سيغضب من صراحتي كثر، لكن الصراحة راحة، وصديقك من صدقك، “كثر منها في هذا الوسط!”.
وسؤال أخير للجميع: ما فائدة الثقافة للشخص الذي يوصف بالمثقف إذا لم تنعكس على العمل والتعامل؟!
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط