أصابت عصابات التسول قلوبنا بالقسوة، صبغت تلك العصابات أفئدتنا بغلالة رمادية فلم نعد نصدق، لم تترك هذه العصابات وسيلة إلا استخدمتها، من الإعاقة إلى الجوع، وأصبح كل واحد منا يفكر ألف مرة قبل أن يقدم حسنة لوجه الله تعالى! فهل هذا الذي (أو التي) أمامك محتاج أم لص في ثياب متسول؟ وجعلتنا عصابات تسخير الأطفال وتهريبهم واستخدامهم لغرض التسول نفكر مليون مرة قبل أن نتعاطف مع طفل/ ضحية، يقف تحت الشمس يدق زجاج سيارتك، سواء أكان يحمل علبة مناديل ورقية أم صورة تقرير طبي، طوفان المتسولين من كل الجنسيات جعلنا نعتقد أننا صيد ثمين، ومن “المنصوب عليهم” بالسؤال وادعاء الحاجة، وأتت الموجة التسولية العاتية من شباب يأتون من دولة مجاورة، يترصدون للإنسان ثم يخبرونه أنهم لم يجدوا عملاً! وهم في حال من الجوع والفاقة، أماراتها أفواه يحرصون على تجفيفها، ولم يتم توفير العباءة السوداء، عباءة أمهاتنا وأخواتنا، فاستخدم هذا الطوفان العباءة والقفازات السود للسؤال، ولم تعد صلاة تنتهي إلا بظهور طالب حاجة أو أكثر، واختلط علينا الحابل بالنابل، هل ندعم عصابات للتسول أم نفقد كثيراً من إنسانيتنا؟ هل هذا الواقف أمامك “يستهبل” عليك ويتلاعب بعواطفك ويبتزك، أم انه محتاج حقيقي؟ هل هو يقدر ويحترم فعل الإحسان الذي تتبرع به، أم يضحك عليك وعلى مجتمعك في سره؟! وأصبحت كلمة “الله يرزقنا وإياك” أو حفنة من الريالات هي المهرب من هذا السيل الجارف، والطرق الذي لا يكل ولا يمل، وجاءتنا الأخبار عن عصابات منظمة للتهريب لغرض التسول، وجاءت لجان رسمية من دولهم وذهبت لجان أخرى، والشوارع حافلة بهم.
وزادت الأخبار عن متسولين تكتشف معهم مبالغ كبيرة، وكأنهم آلات صرف نقدي متحركة، فهل نقبل أن نكون مغفلين أم نكبت إنسانيتنا؟ ووسط هذه الأمواج ضاع صاحب الحاجة الحقيقي، الذي لا يسأل الناس، تعففاً، على رغم حاجته الماسة، وبحثه عن الستر وحفظ ماء الوجه، في وضع مثل هذا… ينتصر من لا ماء في وجهه، ويقبع أناس فقراء في مساكنهم، لا يعلم عنهم أحد إلا نادراً، ومن يستطيع العلم في زمن راكض مثل زمننا؟
للإخوة المسؤولين في وزارة الشؤون الاجتماعية، وأنتم في صباح اليوم تجتمعون برعاية من أمير الخير أمير الرياض حفظه الله ورعاه، أقول لكم: أعيدوا لنا إنسانيتنا التي تضررت من طوفان التسول، فأنتم مسؤولون عن المتعففين، وأيضاً عن المتسولين، حتى يكون عنوان ملتقى اليوم “المحتاج المتعفف مسؤولية الجميع” في مكانه، ويعرف كل منا مسؤوليته.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط