“الزرقاوي والحمراوي”

ما الذي يدفع جنديين بريطانيين من قوات الاحتلال في البصرة إلى التخفي بلباس عربي والتجول في الشوارع حاملين معهم أسلحة ومتفجرات؟ لمن لم يتابع هذا الخبر الذي أعتبره خبر العام، وهو بما يحمله في خفاياه الفضائحية يماثل في جانب منه فضيحة سجن أبو غريب، أضيف أن قوات الشرطة العراقية قبضت عليهما وأودعتهما السجن، فما كان من قوات الاحتلال البريطانية إلا أن اقتحمت مقر توقيفهما بالدبابات، التي سحقت السور والسيارات الواقفة في طريقها، ولعل مشهد لوحة مقر الشرطة المدهوسة كان صورة معبرة عن الأمن في العراق! القوات البريطانية قالت إنها حررت الجنديين خوفاً على حياتهما من “مسلحين شيعة”! المصادر العراقية تقول إن قوات الشرطة والاستخبارات العراقية هي من كان يحتجزهما.
أحد الديبلوماسيين البريطانيين في العراق طالب وسائل الإعلام هناك بعدم إثارة البلبلة!
فكرت كثيراً في سبب تخفي الجنديين البريطانيين باللباس العربي وهما يحملان متفجرات وأسلحة كثيرة، فلا تقام في العراق حفلات تنكرية حتى نتوقع مثل هذا التصرف منهما، صورتهما ذكرتنا بسيئ الذكر “لورنس العرب”، زاد التفكير من توالد الأسئلة حتى توصلت إلى أن قوات الاحتلال البريطاني في العراق مع خبرتها الاستعمارية تأثرت بواقع العراق الطائفي فتحولت هي إلى طائفة جديدة في هذا البلد العربي المنكوب، يمكن لكم أن تسموها الطائفة “البليرية” أو “البلفورية”، وهي طائفة مسالمة هدفها إشاعة الأمن والاستقرار بعد “عيش وملح” كثير مع أهل البلاد، أما الجنديان المسكينان فهما ولا بد كان يريدان مفاجأة العراقيين بحفلة وما عثر بحوزتهما ليس سوى ألعاب نارية الغرض منها “إيقاد شرارة” الفرح والابتهاج في نفوس العراقيين، لكن العرب ومنهم العراقيون نواياهم سيئة، وهم دائماً يفكرون بنظرية المؤامرة ونحن نعلم بحكم الوقائع والأدلة الدامغة، من ذريعة أسلحة الدمار الشامل إلى فضائح الاختلاسات والعقود الضخمة وسجون الإذلال أن لا مؤامرات هناك وأن الرأس العربي والعراقي بحاجة إلى تنظيف بالدبابات من الوسواس الخناس، فبريطانيا وأميركا لا يأتي منهما سوى الديموقراطية وحقوق الإنسان.
وجد البريطانيون أن الحفلات في الأجزاء التي لا يشرفون عليها في العراق كثيرة ومتعددة وحافلة بـ “الأحمر القاني”، وعز على نفوسهم ألا تشارك البصرة في هذه الاحتفالات فكان التطوع من جرذان الصحراء.
يقول الشيخ جواد الخالصي إمام مسجد الكاظمية في العراق لصحيفة لوموند الفرنسية إن الزرقاوي قتل في بداية الغزو ولم يعد له وجود وإنه يستخدم من الاحتلال لشق صف العراقيين، ونعلم أن عائلته في الأردن تقبلت العزاء فيه، وأقول انتظروا ظهور “الحمراوي” في جنوب العراق.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.