عين السلامة

أتعجب من تلك العبارات التوعوية والتحذيرية الطويلة المزروعة هذه الأيام على الطريق الدائري في مدينة الرياض ضمن حملة “عين النظافة”. تصور جملة من سطرين بأحرف صغيرة موضوعة على لوحات ومعلقة على الجسور ليطالعها سائقون يسيرون بسرعة مئة كيلومتر في المتوسط!!
 من الذي سيقرؤها؟
 وماذا يمكن أن يسبب ذلك من حوادث واختناقات، إذا كان الحادث المروري في الجانب الأيسر من الطريق السريع يوقف الحركة في الطريق الآخر؟ فماذا ستفعل لوحات وجمل طويلة، إما أن لا احد سيلقي لها بالاً، وهذا هو الواقع، وإما انه سيحاول البعض قراءتها في سباق مع الزمن والحذر فتقع كوارث؟!
 الغريب أن حملة عين النظافة تتم بالتنسيق مع إدارة المرور، فكيف لم تلتفت هذه الإدارة إلى عين السلامة؟ كان الشعار كافياً وحده للتذكير بأهمية النظافة والغرامات التي تنتظر المخالفين، في حين تصلهم العبارات الطويلة من خلال وسائل أخرى أو في مواقع أخرى مثل الإشارات المرورية أو اللوحات الدعائية التي احتلتها منتجات الشركات. إذا لم تكن هذه وظيفة الشعار ويتم تصميمه لهذا الغرض فما هي وظيفته يا ترى؟!
لست أعلم كيف تفكر الجهة أو الشركة التي تولت إدارة هذه الحملة، وهي حملة مهمة وجيدة وننتظر التطبيق الفعلي للغرامات؟
و إذا ما نظرنا إلى حجم النفايات في الشوارع وأمام المنازل سنجد أن لمطويات و “بروشورات” إعلانات الشركات والمطاعم والعروض المخفضة  نصيباً متزايداً، وكنت قد قرأت قبل مدة خبراً يقول إن أمانة الرياض ستقوم بتغريم أصحاب المحال والشركات التي تنثر تلك المطويات على السيارات وأبواب المنازل، ولعله يدخل حيز التطبيق فيصبح مع حملة “عين النظافة” حملة “عين الملاحقة”، أما التنسيق مع جهاز المرور “فيا ليت إدارة المرور بحملها تثور”، ولو أنها فتحت عيون السلامة على شوارعنا وأوقفت السائقين الانتحاريين عن زرع الحوادث والأخطار في الطرقات لحققت هدفاً نسعى إليه منذ وقت طويل، هي بحاجة إلى فتح عين النظافة من الحوادث. وإذا كان التنسيق مع المرور سيؤدي بحملة عين النظافة إلى ما آل إليه نظام الغرامة على البصق في الشوارع، أو إيقاف المستهترين الذين يستمتعون بمسح “طبلونات” سياراتهم في الطرقات كل صباح ومساء فليس للأمانة حاجة إلى مثل هذا التنسيق. والأمنية أن يتولد من عين النظافة عين للصحة تلاحق المطاعم وباعة الأغذية الفاسدة، وتنشر أسماءهم مع الغرامات. نحن بحاجة إلى عيون كثيرة واسعة لا تنام ولا تغض الطرف.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.