العطار والإرهاب

لا يصلح العطار ما أفسده إرهاب الدولة العظمى، هكذا تشكّل المثل العربي الشهير في ذهني وأنا أقرأ تصريحات وأخبار عن جولات المبعوثة الأميركية للنوايا الحسنة، كارين هيوز طلبت من ماليزيا ان تسهم في تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي، مسكين هذا العالم يثخنونه بالجراح ويطالبون بتحسين صورتهم لديه!
العطار هنا هو دول إسلامية تزورها المبعوثة في جولة طويلة، ولقاء هذه الخدمات المطلوبة لا تقدم  إدارة بوش أية تنازلات ولو من باب حفظ ماء وجه العطار.
إذا أرادت الولايات المتحدة تحسين صورتها فيجب أن تبدأ بتصحيح سياساتها الخارجية في العالم الإسلامي، ومادامت حريصة هذه الأيام على تطبيق قرارات الأمم المتحدة على سورية ولبنان فيجب أن تتذكر قرارات أخرى للأمم المتحدة رفضت إسرائيل تطبيقها، وما دامت الولايات المتحدة حريصة هذه الأيام على حقوق الإنسان ودعمت الأمم المتحدة في تحقيقاتها في جريمة اغتيال الرئيس الحريري فلديها فرصة عظيمة لتحسين صورتها بالسماح بعمل تحقيق دولي في فضيحة أسلحة الدمار الشامل التي دمر بها التحالف دولة العراق وقتل الآلاف من شعبه وجعل الفوضى هي النظام الوحيد الذي يعيشه، وكذلك السماح بعمل تحقيق دولي في ما جرى ويجري في سجن أبو غريب العراقي، ومعتقل غوانتانامو الأميركي، ويجب عليها ألا تنسى رفع الحصانة عن جنودها وضباطها للتحقيق معهم في جرائم الحرب التي اقترفوها.
تحسين الصورة لا يأتي بالحديث عن النوايا الحسنة ولا بمبعوثين، بل يجب أن تتبع النوايا أفعال حقيقية، وسياسة الولايات المتحدة الخارجية ما زالت تعادي العالم الإسلامي والعالم العربي بالأفعال لا بالأقوال، واحتضانها لإسرائيل وصمتها عن جرائمها وإرهاب الدولة الذي تمارسه، وسكوتها عن أسلحة الدمار الشامل المتوافرة لدى شارون، كل هذا لا يمكن وصفه بالنوايا الحسنة، إن من النكت السياسية السوداء أن يطالب من يمتلك أسلحة الدمار الشامل الآخرين بعدم امتلاكها، بل ويحرض عليهم من يدعي النوايا الحسنة، وهو يرفع صوته عالياً، بمثل هذه المطالبة من دون حياء.
مهمة كارين هيوز ليست سوى مهمة إعلامية تخديرية، وهي تنبئ في الحقيقة عن نوايا ليس لها علاقة بالحسن من قريب أو بعيد.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.