إذا عُرف السبب بطل العجب، هذا ما تعلمناه، لكن القصة التي نشرتها “الحياة” يوم السبت الماضي تعيد صياغة تلك الجملة لتصبح “إذا عُرف السبب ظهر العجب!”، والقصة لمن فاتته قراءتها أن هيئة حماية الحياة الفطرية قررت إنهاء عقود طيارين من العاملين في سربها الفطري، وأخضعت ثالثاً للتحقيق، إلى هنا والأمر اعتيادي، الاستغناء والتوظيف… وحتى التحقيق، يتم في كل جهة موظفة، لكن إذا ما قرأت الأسباب التي ساقها الأمين العام للهيئة الفطرية ونشرتها “الحياة” يوم السبت، يبرز العجب، وفي العنوان ساق الأمين العام للهيئة أسباب الاستغناء بقوله: “أحدهما يدخن… والآخر يخاف من الطيران”! ولو قالت “الهيئة” أن الطائرة هي التي تدخن لكان الأمر مقبولاً! وتقول “الهيئة” إن الطيارين يمثلان خطراً على نفسيهما وعلى غيرهما من السكان، فأحدهما يخاف من الطيران، والآخر يمارس أموراً غير مستحبة كالتدخين وغيره… ويبقى “غيره” مفتوحاً على مصراعيه، ولست أعلم ما المقصود بالسكان؟ بحسب علمي أن مثل هذه الطائرات تعمل في المحميات النائية، وهذه الأخيرة ليس فيها سكان من البشر، بل من الحيوانات، والتدخين بلا شك أمر غير مستحب ومقيت، وضرره معروف، لكن “الهيئة” ابتدعت نظاماً جديداً بالاستغناء تذرعاً بهذا السبب، فلست أعلم في أنظمة الخدمة المدنية في السعودية ما يشير إلى مثل ذلك، إلا إذا كانت هيئة حماية الحياة الفطرية قررت إعادة موظفيها إلى الفطرة، أما أن يكون هناك طيار يخاف من الطيران فهذا بلا شك مزحة وطرفة، تصوَّر أن يعمل طيار يخاف من الطيران لدى “الهيئة” منذ عام على الأقل، فكيف سيتهرب من الطلعات والجولات على المحميات، وإذا كان هذا حال بعض موظفي “الهيئة” فكيف هي حال محمياتها؟ المشكلة أن سكان المحميات لا ينطقون، وإلا لقرأنا في الحياة أعذاراً طريفة، مثل أن الوعول كسولة أو خجولة لا تظهر نفسها للزائرين، والغزلان ترفض التخسيس، والنعام يسبب إزعاجاً وهياجاً لبقية السكان بحركاته السريعة، ولو أن “الهيئة” لم تطلق هذه الأسباب لكان أفضل لها. فصل الموظف من عمله ومصدر عيشه ليس بالأمر الهين، والمستغنى عنهما قررا رفع قضية على الهيئة، وهناك زميل ثالث لهما أحيل إلى التحقيق لأنه أنقذ مصاباً! ويظهر أنه انتظر الأوامر ولم تصل، أو انقطع البث! فقرر من تلقاء نفسه إنقاذ ممثل تعرض لإصابة بالغة وهو يصور حلقة من مسلسل “طاش ما طاش” في محمية في الربع الخالي، ولا بد من أن يكون هذا الطيار لم يفهم أن للهيئة الفطرية اختصاصاً محصوراً بسكان المحميات الموجودين فيها بالفطرة، وليس لها علاقة بالزائرين والعابرين الذين يمكن أن يمشوا على اثنتين، مثل هؤلاء يجب أن ينتظروا وصول سيارة الإسعاف إلى الربع الخالي!!
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط