“طاسة التبرعات”

هل هي طاسة ضائعة أم مخرومة؟ يطلب من الجمهور التبرع العيني لضحايا زلزال باكستان ويخصص التلفزيون السعودي وقتاً ثميناً، ويشارك معه في الدعوة مشايخ فضلاء، الكل يطالب ويدعو ثم يجد الناس تبرعاتهم مهملة على الأرصفة! هل يعقل هذا؟ يمكن لك أن تراها على الرصيف المحاذي لأستاد الأمير فيصل بن فهد في حي الملز في الرياض، وجريدة الرياض نشرت صوراً وثائقية لأكوام التبرعات المهملة، وهي حال تبعث على الاستغراب، ومن هذه التبرعات أغذية معرضة للفساد، بل إن بعض المتبرعين لم يجدوا من يتسلم تبرعاتهم وعادوا بها، مثل هذا الوضع ألا يدعونا للتساؤل؟ أيضاً عن أحوال التبرعات المادية، إذا كانت التبرعات العينية التي تحتاج إلى عناية وفرز وحفظ يتم التعامل معها بهذا الشكل، فكيف بالتبرعات المادية ألا يمكن أن تقف البيروقراطية الورقية حائلاً دون وصولها بالسرعة الممكنة؟ ألا يمكن أن تهمل مثل شقيقتها العينية؟ مثل الحال التي رأيناها تعطينا الحق في طرح هذا التساؤل، ولم يكن العمل الخيري في بلادنا بحاجة إلى مثل هذا الإهمال فهو في وضع لا يحسد عليه، فهو بحاجة إلى الكثير من العمل والجهد ليستعيد ثقة الناس به، وسبق لي أن طرحت جملة تساؤلات، أهمها أرصدة الجمعيات الخيرية وضرورة أن تراقب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الموازنات السنوية لهذه الجمعيات وتعلن عن أوضاعها، خصوصاً أن كثيراً من التبرعات هي عبارة عن زكاة يستلزم سرعة صرفها، ولم أجد تفاعلاً أو اهتماماً يذكر، وهو أمر يثير في الكاتب تساؤلات حول جدوى الكتابة عن بعض الشؤون، يعتقد الكاتب أن لديه واجباً مرة بالتذكير ومرة بالتلميح وأخرى بالتصريح.
إن الوضع الذي شاهدنا فيه أكوام التبرعات العينية لضحايا زلزال باكستان، وهي المهملة على الأرصفة قد ينبئ عن وضع الفقر والفقراء في بلادنا، فهم فيما يبدو على الرصيف في حالة انتظاراً للخطط والاستراتيجيات الطموحة، ولو كانت الجمعيات المعنية نشطة ومنظمة لما شاهدنا ما شاهدناه، ولا يمكن أن يقال عن مثل هذا الوضع إلا أنه عيب معلن، وينبئ عن ضياع الطاسة، فالرجاء ممن يجدها أن يسلمها إلى أقرب صحيفة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.