الولد المضروب

ذكرتني مشاهد الطالب الصغير وهو يتلقى بألم ضربات سعادة الأستاذ المعلم بسلك الكهرباء بأيام الضرب في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وفي مرحلة دراستنا الابتدائية كان هناك درس في المطالعة عن الولد النظيف، هذه الأيام لا بد من أن هناك دروساً عن الولد المضروب في الفصل، والولد المطروح في الشارع، والولد المقسوم بين البيت والمدرسة، توجسنا حذراً من كاميرا الهاتف والبلوتوث، وإذا بهما يصبحان إدارة للمراقبة، ونعلم أن أجهزة المراقبة والتقصي لدينا ما زالت في مراحل المعاريض على ورق “فرخ” مسطر، وأخبرنا هذا الجهاز النادر، بكاميراته المتنقلة عن فضائح وسلوكيات في الشارع وخلف الأبواب المغلقة.
“لك اللحم ولنا العظم”، هذه المقولة التي تنسب لبعض الآباء في الزمن الماضي تعطي الحق لمعلم الصبيان أن يأكل بالعصا كل اللحم ويبقي هيكلاً عظمياً مصاباً بأمراض نفسية، إضافة إلى العصا استخدم لي الكهرباء (الجرجور)، وكما تعلمون كانت فترة تشييد وبناء! وسلك الكهرباء يستخدم حالياً لأننا في مرحلة الصيانة.
 في فترة التبرع باللحم لأجل العظم لم تكن غالباً ترى طالباً بديناً، يظهر أن الضرب من أدوات التخسيس، من زرع حصد، تم ضرب المعلم فلا بد من أن يضرب الطالب وهكذا، وكلّ يضرب من يأتي بعده، ليس في الفصول فقط بل في الكراسي والمناصب أيضاً يتم الضرب تحت الحزام، واسأل المتقاعدين ومن ترك منهم كرسياً مهماً.
مهنة المعلم من أصعب المهن، هي مهنة وليست وظيفة، لكنها تحولت في مجتمعنا إلى وظيفة كانت مجزية العائد، التحق بها كثير من الباحثين عن وظيفة، وتعاملوا معها على هذا الأساس، التعامل مع جماعة من الصبية مختلفين في كل شيء تقريباً ليس بالأمر الهين، وإذا كان بينهم أشقياء وكثيرو الحركة تزداد الصعوبة، وعانت دفعات المعلمين الجدد ممن يظهرون أصغر من أعمارهم معاناة كبيرة مع الطلبة غير المقتنعين بأن شخصاً بهذا الصغر أو لم يظهر له شارب كث يمكن أن يكون معلماً، كانت العصا هي أداة القوة والسيطرة، بعض المعلمين يستخدمها للتهديد وبعض آخر يذهب إلى آخر مدى، إلا أن المعلم الحقيقي هو من يستطيع فرض هيبته في الفصل من دون حمل عصا أو “جرجور”، ويعتقد بعض المعلمين والمعلمات أن الأطفال لا يفهمون، ولو جلست مع طالب أو طالبة من الصغار لأخبرك بتفاصيل مضحكة مبكية عن أحوال التعليم ومربي الأجيال الناشئة، تسأل المعلمة الطالبة “وش يقرب لك فلان؟”، سبب السؤال قد يكون البحث عن واسطة أو تخفيض! الطلبة والطالبات من الممكن أن يكونوا مفاتيح للأقفال المغلقة، ودرجة القرابة إما أن تقرب التلميذة أو تبعدها، وفي الواقع فإن معظم ما يلتقطه الطلبة والطالبات من أساتذتهم، هو سلوكياتهم وطريقة تعاملهم، والمثل الشعبي يقول: “هذا خبزك ياالرفلا خذيه”، و “الرفلا” تقال للمرأة والرجل، يقال له “أرفل”، وهو من لا يجيد عملاً، سواء في المنزل أم المدرسة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.