“قرقعة القرقيعان”

بالنسبة إلي لم أعرف شيئاً يسمى “قرقيعان” إلا أخيراً بل إن الاسم يحدث عندي فرقعة، وقرقعة ليست لها علاقة بالأعياد، وأصل هذه الكلمة وفد إلينا من الخليج، وأسهم في ترسيخه الحضور الإعلامي الخليجي القوي طوال عقود، يقابله تراخ إعلامي محلي، أما نحن فكنا في طفولتنا نعرف “العيدية”، وهي أقرب للعيد من “قرقعة القرقيعان”.
في آخر يوم من رمضان المبارك، يبدأ الأطفال جولتهم بالطّرْق على الأبواب يطلبون “العيدية”، يبشرون ويستبشرون به، وعندما يرد عليهم من في الداخل قائلاً: مَنْ عند الباب؟ يردون قائلين بصورة جماعية:
“آبي عيدي
عادت عليكم
في حال زينة
جعل الفقر ما يدخل عليكم ولا يكسّر إيديكم…”، أو شيء من هذا القبيل.
إذا كان من يفتح الباب رجلاً فلا بد انه نصف نائم ومنزعج من تلك “القرقعة” خصوصاً إذا ما بدأت مع الصباح الباكر، فهو صائم وغالباً في إجازة رسمية بعد دوام رمضاني، ويظهر أن من أطلق اسم “قرقيعان” كان رجلاً منزعجاً من طَرْق الأطفال باب منزله، أو بالأحرى “قرقعته”، ما يجبره على الاستيقاظ من أحلى نومه.
وَضْع المرأة في المنزل مختلف، إذ تكون مستعدة لقدوم الأطفال وتسعد بإسعادهم، في من يستقبلهم و “يٍحْشِي مخابيهم” أو جيوبهم بالحلوى، أما الحلوى فلم تكن سوى حمّص يُطلق عليه “قريض” لأن الأطفال “يقرضونه”، وبين طياته حبيبات من الحلوى العادية، وإذا كان البيت ميسوراً ربما يحصل الطفل على حلوى راحة الحلقوم، ولا يصدق وقتها فيجترعها لئلا تخطف منه.
لم نكتشف ذلك الوقت الشكولاته “الكاكاوية”، والنوقا و “الموقا”! بكل أنواعها المبهرة الجذابة، التي خلبت لُبّ الكبار قبل الصغار، ولو قدمت إلى أطفال اليوم مثل تلك الحلوى القديمة لاعتبروها إهانة، ولربما أعطوك حسنة تحفظ ماء وجهك أمام الأطفال الآخرين، ولم يعد الأطفال يحفلون بالحلوى، لأن ارتباطها بالعيد انتهى إذ أصبحت، ولله الحمد، متوافرة لغالبيتهم، لكن الذي حدث هو أن المرأة التي تحفل عادة بالشكولاته صارت تقدمها على التمر مع دلة القهوة وتحولت إلى سمة من سمات العيد الجديد بجهود تسويق محال بيع الشكولاته “المتفاخرة”! وصارت الربطة أو التغليف أهم من محتوى طبق الشكولاته.
أعيدوا لنا “العيدية” بدلاً من “قرقعة القرقيعان” حفظكم الله، وأعاده علينا وعليكم بالخير واليمن والمسرات.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.