لم نعد نعلم هل المعتقل في غوانتانامو جمعة الدوسري سعودي أم بحريني، الصحف اختلفت في هذا الأمر، والتطرق إلى هذا الاختلاف إشارة بسيطة إلى التعتيم الإعلامي الكامل للإدارة “البوشية” في واشنطن على المعتقلين. لا فرق إن كان جمعة سعودياً أو بحرينياً، اعتقاله جاء لأنه عربي ومسلم ووجد هناك في أفغانستان. الذي قرأ رسائل جمعة الدوسري التي نشرتها الوطن يقطر قلبه أسى وحزناً على حقوق الإنسان والمعتقلين، ويتبين له أكثر فأكثر نوايا الإدارة الأميركية الخبيثة، فهي تعلن شيئاً وتقوم بنقيضه، مستندة على مبدأ القوة والغطرسة، وهو المبدأ نفسه الذي تعاملت به مع هيئة الأمم المتحدة، عندما ضربت بإجماعها عرض الحائط وقامت بغزو العراق هي وحليفها حفيد بلفور، وهي حالياً تستند إلى هذه الهيئة في الضغط على الدول العربية وفي مقدمها سورية.
رسائل جمعة الدوسري، التي نشرتها صحيفة الوطن في أكثر من حلقة، توضح أخلاقيات الإدارة الأميركية وموظفيها، وتبين أن طاقمها بحاجة إلى دروس في الأخلاق، وإذا كانت فضيحة “لويس ليبي”، وهي فضيحة أميركية داخلية دفعت إلى إعطاء دروس في الأخلاق للعاملين في البيت الأبيض، فإن الإدارة الأميركية بحاجة إلى دروس أعم وأشمل في الأخلاق، خصوصاً تجاه مباشرتها لقضايا العرب والمسلمين، فلا مكان لسفراء النوايا الحسنة، فالنوايا بالأفعال لا بالأقوال.
رسائل المعتقل في غوانتانامو جمعة الدوسري الذي قيل إنه حاول الانتحار، نموذج يفضح النفاق السياسي الذي مارسته الإدارة الأميركية، تروج لحقوق الإنسان وهي أول من ينتهكها بصورة لا سابق لها، تعد بالحريات وهي أول من يحرم البشر منها، تطالب باحترام العقائد وهي أول من يدنسها.
رسائل المعتقل جمعة الدوسري إذا لم تكن قد قرأتها فلا بد من أن تطلع عليها، هي وثيقة ضد غوانتانامو وضد إدارة بوش، وهي مشروع لعمل وثائقي يفضح إرهاب الدولة ونفاقها، ومثلما نحرص على فضح إرهاب المجموعات والأفراد لا بد من أن نلتفت إلى إرهاب الدول.
ما زالت على يقين تام بأنه سيأتي اليوم الذي تعتذر فيه الإدارة الأميركية عما حدث ويحدث في العراق وغوانتانامو، قد تكون هذه الإدارة أو إدارة غيرها، وقد كتبت هذا سابقاً مع بداية نقل المعتقلين إلى غوانتانامو، الجميع أصبح على دراية بأساليب النفاق السياسية الأميركية واعتمادها على مبدأ القوة والبطش، ووضعها مصالح إسرائيل في المقدمة، وغضها النظر، بل حمايتها لإرهاب الدويلة اليهودية في الأراضي المحتلة، ولا ينفع في ذلك بيانات وتوضيحات من سفاراتها ولا جولات سفراء النوايا الحسنة، لم تكن الإدارة الأميركية عالمياً في حال أسوأ أخلاقياً من حالها الراهنة، ورسائل المعتقل جمعة الدوسري هي حلقة في سلسلة فضائح “حماة حقوق الإنسان المحترمين للأديان… الذي يطلق عليهم الاميركان”.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط