“طعش”

يمكننا ان نسميها “مرحلة الطعش” وهي المرحلة العمرية  بين عشر سنين وست عشر سنة تقريباً، والتي يمر بها الذكر في مجتمعنا، هذه المرحلة التي تتداخل فيها مراحل الطفولة والصبا والمراهقة تعيشها هذه الفئة العمرية بصعوبة في مجتمعنا، فلا يكفي انها مرحلة حرجة عمرياً، بل يزيد المجتمع من صعوبتها بالأوامر والنواهي، في المدارس يجوز لنا أن نطلق عليها مرحلة “العقال”، الطفل الذي يفرح في الأعياد وصلاة الجمعة والمناسبات بارتداء الثوب والغترة وفوقها العقال، يُمنع من الأخير في المدارس المتوسطة والثانوية، وليس هناك سبب واضح، فالعقال ليس آلة حادة إذا افترضنا أن منعه لأجل السلامة، وهناك من الأدوات المدرسية ما هو اخطر منه، ولم أجد سبباً سوى أن الطلبة يتشبهون بأساتذتهم، وهذا استناداً إلى قرار المنع غير الجائز، يجب أن يبقى الطالب طالباً والأستاذ أستاذاً، والعلامة الفارقة هي العقال! ويصبح العقال الممنوع شغلاً شاغلاً للفتى، طالب الثانوية يضعه في السيارة عند الدخول إلى المدرسة ثم يرتديه حالما يخرج، وفي هذه المرحلة العمرية لا يعلم من يمر بها أن من استمر في لبس العقال أصبح يشعر بثقله، للعلم متوسط وزن العقال مئة وخمسون غراماً، وعندما يريد الراحة أول ما يطوح بعقاله، لكنه مثل الشارب بالنسبة اليهم يحرصون على حلاقته خلسة لينمو ويزداد طولاً ثم يتورطون به.
في الشارع والأماكن العامة يمكننا أن نسمي ما تمر به هذه الفئة بالمرحلة الطولية، – والمقصود طول الجسد – هو الحكم وسيد الموقف، “ماشاء الله اليوم أطول من أمس!” كثيراً ما يقال ذلك للصبية، وللفتيات أيضاً، وهو هنا بشرى، لكنه في الحياة العامة مشكلة، دخول هذه الفئة من صبية وفتيات إلى الأماكن العامة الترفيهية منها على وجه الخصوص يحكمها عامل الحراسة ورسم في الجدار يبين الطول المسموح بدخوله، يمر بهذا المقياس كل من يشك في عمره فيختبر بطوله، لذلك يهتم الطفل في هذه المرحلة بالأطوال والأمتار، وغالباً ما “يشبر” طوله إذا كان وحيداً، وكثيراً ما تدخل العائلة المكان المقصود، ويبقى طفل في الخارج أو طفلة، لأن دمهما حار أو جيناتهما الوراثية طويلة نسبياً!.
هذه المرحلة العمرية التي أعتبرها من أجمل المراحل التي يمر بها الإنسان، تخضع في مجتمعنا إلى ضغوط فوق الضغوط الناشئة من طبيعتها، ولا بد من أن هذه الضغوط المركبة تورث عقداً. ما الحل؟ لنفكر سوياً فلست أملك حلاً، لكن الواقع يقول إن مرحلة “الطعش” هي بداية مرحلة لعقد تتزايد مع الإقبال على مرحلة الشباب.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.