عادات و«تقييد»!

من المعتاد استخدام سيارات حكومية لأغراض أخرى، غير تلك المخصصة لها، طبعاً هذا غير نظامي، وكلما كان غرض السيارة أكثر أهمية كانت المخالفة أكبر، لكننا «أهل قرية وكلن يعرف أخيه»، كلما كبر حجم المسؤول كثر عدد السيارات وتنوعت أغراضها، «الوايتات» تذهب إلى المزارع، و«الشيولات» تكوم الردميات. وما أثار الأمر صورة سائق سيارة الإسعاف الذي ظهر في مقطع وهو بجوار سيارة مخصصة للإسعاف وينتظر تحميل «مفطح أو ذبيحة»، قد تكون لضيوفه أو ضيوف آخرين كلفوه. وبحكم السائد والمسكوت عنه، أعتقد أن هذا التصرف – المرفوض والمخالف – لا يحتمل سوى التنبيه أولاً بعد تكراره، ثم محاولة زراعة ثقافة جديدة تفرق بين العام والخاص، وتعظم جانب المسؤولية والواجبات.

لكن مفطح الإسعاف فتح ملف بعض العادات خصوصاً مع حماسة السائق، على رغم المتغيرات الاجتماعية لا تزال بعض شرائح المجتمع مستسلمة لعادات قديمة فرضتها أوضاع قديمة، أخصّ بالذكر تحديداً شرائح من محدودي الدخل لا يزالون أسرى لهذه العادات، النظر إلى الكرم والإكرام بالذبيحة والمفطح، ومع محاولة التخلص من هذا إلا أن الكثير منهم لا يستطيعون الفكاك منه، كلام الناس وردود فعلهم، وهم أنفسهم من ينتقد هذا ثم ينتقد عدم الأخذ به.

هناك من هم ضحايا لهذه العادات، موظفون بسطاء بمداخيل بسيطة يستدينون لتسديد هذا القيد الاجتماعي، كبّلتهم القروض والسلف، والذي يعمل منهم في مدينة كبيرة هي مصدر جذب لأبناء العشيرة يصبح «ملفى» لهم، بعض منهم اضطر لتغيير منزله، وبعض آخر اجتهد في طلب الوساطات لنقله إلى منطقة بعيدة، وبالنسبة إلى كل واحد منهم جلب الذبيحة لضيوف بعضهم يعاني من سمنة أو ارتفاع معدلات الكلسترول هو إسعاف بحد ذاته.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على عادات و«تقييد»!

  1. اخي عبدالعزيز .. رائع وانت تتطرق لمثل هذه الحالات التي اكل الدهر عليها وشبع لكن التمسك بها مثل ملازمة داون سيئة الصيت .. تناقض في الاقوال والافعال الكثير منهم ينتقدها وبشدة وفي اليوم الثاني راح يستدين من هذا وذاك ليكرم الشخص الفلاني وكلاهما غير راضي على الاخر هذه هي المشكلة الذي ذبح وخسر ما ليس متوفر لديه بعد خروج الضيف يتافف ويسب ويلعن بانه تكلف فوق طاقته .. والاخر يستهزء امام الاخرين على مضيفه بان الضيافة ليست على ما يرام ويعدد النواقص بكل وقاحة مثلا الرز غير مطهي جيدا او اللحم لشاة ( عودة) كبيره او الشاهي محروق وهلم جرا .. والله ان مثل هذا الوضع يحصل كثيرا .. والطامة الكبرى ان حتى جيل من الشباب متاثر بابيه وياخذ زمام المبادرة في مكان ابيه سواء بعد مماته او حتى في حياته .. كيف ومتى تنتهي او تتضائل على الاقل هذه العادات والتقاليد البالية .. الله اعلم !

  2. هذا اللي يسعف
    أهون من اللي يمارس التطعيس بها
    http://youtu.be/mrNluIln58E

  3. محمد القاضي كتب:

    أخي الفاضل عبدالعزيز الموقر
    اللاسم عليكم ورحمة الله وبركاتـــــه ،،،،
    آمل ان تشاهد بنفسك مطعم بلدي بجوار منزلي في حي الصفا عدد السيارات الحكومية التي تحمّل المفطحات والكوازي وروؤس المندي خاصة بعد صلاة الظهر … سيارات مشكلة وبأحجام مختلفة …
    مقالكم أكثر من رائع في هذا الصدد
    اخوكم
    أبوهاني

التعليقات مغلقة.