لا يمانع المسؤول من إعفاء نفسه من المسؤولية وليس من المنصب! إنه يستطيع رمي المسؤولية على جهة أخرى، وهي أيضاً تستطيع رميها على ثالثة، والثالثة لا تحتاج إلى جهد كبير إذا رغبت لتطوّح بها بعيداً.
وينظر بعض هؤلاء إلى المسؤولية المباشرة في تلك اللحظة، لحظة الحدث، إنهم يتعامون عن المسؤوليات المباشرة السابقة التي ربما – وهنا احتمال موضوعي – قادت إلى تلك النتيجة.
في قضية مقتل العامل الهندي على يد مواطن نشر أنه يتعاطى المخدر ويعيش مشرداً ولديه ملف في مستشفى الأمل، قالت الشؤون الاجتماعية إن هذه مسؤولية وزارة الصحة، يمكن للأخيرة أن تقول إنها ليست لديها اعتمادات مالية، لتصبح المسؤولية على وزارة المالية، أو إن مقاول مستشفى جديد أو توسعة تعثّر وهكذا، ونحن ندور في حلقة مفرغة لا نبحث عن الأسباب والجذور، بل يحاول البعض معالجة النتائج بطريقة إطفاء الحرائق بل وبطريقة لعبة البلوت «لنا ولهم».
لكن ما هي حال أسرة كان الجاني يعيش معها ووسطها وهو في وضع مأسوي مثل هذا، قاتل منتظر؟ وكم من أسرة في المجتمع تعيش مثل هذه الأوضاع تحت التهديد؟ هذه ليست مسؤولية اجتماعية في ما يبدو للبعض، لا يبرز إلا النتائج… جريمة مروعة.
مؤكد أن لدى كل جهة مسؤولية، والمفترض «والواجب» أن تتضافر الجهود ولا تتجزر بالقول إن هذه ليست مسؤوليتنا، الصحة مسؤولة، والمالية وأجهزة الرقابة وقبلها الشؤون الاجتماعية، لكن هناك أيضاً مسؤولية على مجلس الوزراء، لدى المجلس أمانة ما هو دورها بالضبط في تحديد نقاط الضعف في المسؤوليات؟ منافذ التنصل، هل تعرض هذه الأمانة تشخيصاً للواقع ليراه الوزراء المجتمعون أم أن الأمر ينتهي بنشر خبر وتدوين رقم في الوقوعات؟
هذه الجريمة المروّعة مجرد نموذج للهرب من المسؤوليات، لأن النتيجة/ الجريمة جمعت مسؤوليات أطراف عدة لكل منها محطة إما تكمل الأخرى أو تصدر لها مشكلة. لماذا لا نرى تقويماً حقيقياً لأعمال الأجهزة الحكومية؟ لا نتحدث عن الأرقام وتكاليف الخرسانة، نتحدث عن العمل نفسه الذي لأجله تصرف الأرقام ويعلن عن الكلفة.