في الموقف المقابل لمكتب صديقي ينتصب أنبوب مهمل كان في يوم من الأيام حامياً لمضخة إطفاء حريق كما أتوقع، ذهبت المضخة وبقي الأنبوب شاهراً سلاحه للمارة والسيارات، بين فترة وأخرى تتعلق سيارة في أنيابه فتتحطم من الداخل، يميل الأنبوب قليلاً لكنه يبقى صامداً في انتظار فريسة أخرى، هذا الأنبوب نموذج للأذى المنتشر في طرقاتنا، والأمانات والبلديات معنية بنظافة الشوارع والطرقات من القمامة ومن الأذى أيضاً، ومشكلة هذا الأذى أن لا رائحة له فهو لا يزكم الأنوف ويعتقد البعض أن مضرته لن تصل إليه، في طرقاتنا كثير من المسامير المهملة والناتئة على سطوح الأرصفة وهي من الأذى ونحن قد أمرنا بإماطة الأذى عن الطريق، هذه البقايا التي تشهر مساميرها متطلعة لأرجل المشاة أو “دفرنسات” السيارات، هي بقايا للوحات دعائية أو إرشادية! الإرشاد هنا قد يكون لأقرب مستشفى، وتزيد الشركات من الأذى فترى أبواب محولات الكهرباء مكشوفة، وصناديق خطوط الهاتف مشرعة، ومع الأمطار تظهر عيوب كثيرة وأخطار متجددة، حتى من الناحية الجمالية التي تحرص عليها الأمانات، تقدم هذه الصناديق المكشوفة صورة بشعة عن المدينة وسكانها وإدارتها، والشركتان المعنيتان في المقام الأول، هما شركتا الكهرباء والاتصالات، ولو خصصتا بعضاً من حملاتهما الإعلانية لإصلاح صناديقهما المكشوفة لأحسنتا في حق الجمهور الذي تستهدفانه ولقدمتا صورة حضارية عنهما.
لقد تحسنت أحوال المشاة في طرقاتنا عن ذي قبل بصورة ملموسة، لكن هذا التحسن انحصر في مناطق محددة، في مقابل هذا التحسن ما زال كثير من المحال والمطاعم، يتعامل مع الأرصفة والجزء المقابل للواجهات على أنها من الأملاك الخاصة، وعلى رغم أن للرصيف وبلاطه مواصفات معينة رسمية تلتزم بها البلديات، إلا أن بعض المطاعم وحتى الحلاقين يقومون برصفه مرة أخرى بحسب أمزجتهم الملونة المتزحلقة، ونتحدث عن مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وطرقاتنا مهيأة لتخريج المزيد منهم، الغريب أن مثل هذه المخالفات الفاقعة اللون لا تلفت نظر رقيب البلدية، فهو كما يبدو مشغول بـ “فسوحات” البناء والبطحاء، وتجاوز الأمر لدى بعض آخر من المحال إلى وضع شراك حديد تنظم المواقف أمام واجهاتها.
نحن بحاجة إلى حملة لإماطة الأذى عن الطرقات، وهي أسهل من حملة عين النظافة، لأنها لا تحتاج إلى مطاردة، التجاوزات واقفة تنتظر عيوناً مفتوحة لا نصف مغمضة.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط