أمنا من الرضاعة

اطلعت مثل بقية القراء على إعلانات شركة “نستله” في عدد من الصحف المحلية، التي تطمئن فيها مستهلكي منتجاتها من حليب الرضع والأطفال في الشرق الأوسط، إذ أكدت أنها لا تسوق حليب الرضع والأطفال السائل في العبوات الورقية في جميع دول الشرق الأوسط.
 هذا النوع من الحليب جرى سحب كميات ضخمة منه تقدر بملايين اللترات في كل من ايطاليا وفرنسا واسبانيا والبرتغال، بسبب تلوثه بحبر الطباعة، وبثت وسائل الإعلام هذا الخبر.
وأنا بدوري، تفاعلاً مع إحساس الشركة مع مشاعرنا، أطمئنها وأقول لها انه في بلادنا أصلاً “ما أحد جاب خبر”، وسنستمر في استقبال منتجاتها من الحليب، سواء أكان بعبوات ورقية أم معدنية أم حتى من الخوص، وسيرضعها الكثير منا لأطفاله مثل ما رضع منها في طفولته، بل حتى في كهولته وفاء لسائل الحليب، فبيننا وبين “نستله” حليب، والحليب لا يمكن أن يتحول إلى ماء! وكثير منا يعتبر “نستله” أمهم من الرضاعة، وإيضاح الشركة بين لنا أنها تصدر لنا العبوات المعدنية في حين تصدر إلى أوروبا العبوات الورقية الجديدة، ربما ذلك ناتج من اختلاف الجهاز الهضمي بين البشر في أوروبا والبشر في الشرق الأوسط، وللذمة فإن عبوات “نستله” المعدنية استفدنا منها كثيراً، فعندما يتم تجرع ما فيها من الحليب يستخدمها البعض لحفظ السكر أو الملح أوما شابه ذلك، وهي تستخدم أيضاً طبلة عند الفقراء من الأطفال.
وقبل “نستله” كانت شركات السيارات تعلن في الخارج عن سحب موديلات معينة نتيجة لاكتشاف خلل في بعض أجزائها، ولم يكن أحد يتجرأ على التفكير في أن بعضاً منها قد يكون متوافراً في أسواقنا أو ينطلق مسرعاً في شوارعنا، وأتذكر أن الصحافة عندما بدأت في نبش هذا الموضوع، استناداً لإعلانات تلك الشركات، ويتصل الصحافي بوكالة السيارات في بلادنا، كان يأتيه النفي القاطع لوجود مثل تلك الموديلات المسحوبة في بلادنا، لأن أسواقنا معقمة أصلاً فلا يأتيها الرديء والعيوب المصنعية لا من أمامها ولا من خلفها، في أسواقنا لا يتم سحب منتج ما، هل تتذكر عزيزي القارئ منتجاً تم سحبه؟ لا أعتقد، لكنك تتذكر فضائح أطنان حليب الأطفال المنتهي الصلاحية التي تم الكشف عنها بجهود الصحافة من دون ذكر لأسمائها وأسماء مروجيها، ولا يعرف حتى الآن بعد سنوات ماذا تم في قضيتها.
لكن لم لا يتم سحب منتج من أسواقنا؟
السبب في تقديري أن المستهلك أصلاً مسحوب على وجهه وظهره، فهو الوحيد الذي يمكن سحبه في الأسواق، ولتطمئن الشركات وفي مقدمها “نستله”، “ترى ما عندكم احد”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.