هل “ينساب” الكفاف أم الفقر؟ (1 من 2)

تصور أن سهم إحدى الشركات المتداولة تجاوز سعره متوسط الدخل الشهري للفرد السعودي، بمعنى أن هذا الفرد إذا “حلم” بشراء سهم واحد من أسهم هذه الشركة عليه أن يصوم لمدة شهر كامل عن الأكل والشرب، ويستلف فوقها أربعمئة ريال ليحصل على سهم واحد!
هذا نموذج يحكي حال سوق الأسهم السعودية، ولن نكتب هنا عن عدم المساءلة عن أسباب هذه الارتفاعات الضخمة لبعض الأسهم، لأننا تعلمنا أن هيئة سوق المال تصمت عن ارتفاعات وتتوقف عند ارتفاعات، في صورة من صور معايير الهيئة المزدوجة!
لكن ما دخل هذا بمشروع “سابك” العملاق المسمى “ينساب”، الذي نريد له الانسياب فاحتل عنوان هذا المقال؟
“ينساب” أو شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات هو اسم المشروع الجديد لشركة سابك، وهو مشروع ضخم احتفظت “سابك” بالنسبة العظمى من رأسماله، وقدمت نسباً أخرى لعدد من الشركات المساهمة، ثم أعلنت أنها ستطرح أكثر من 39 مليون سهم للاكتتاب العام بسعر خمسين ريالاً للسهم الواحد، ومنذ طرح أسهم شركة الاتصالات السعودية للاكتتاب العام يعتبر طرح أسهم “ينساب” أكبر طرح جديد في سوق الأسهم السعودية، ولأن “سابك” هي تجربة الصناعة السعودية المميزة، وقائدة هذا القطاع، ومن كبار منتجي البتروكيماويات في العالم، واستطاعت أن تحقق نجاحاً مشهوداً في السعودة، لكل هذه الأسباب وأخرى غيرها لا تتسع لها المساحة أقترح أن تبدأ وتبادر بسن سنة حسنة، فتضع شروطاً وأحكاماً للاكتتاب في أسهم شركتها الجديدة، والهدف هو إتاحة الفرصة العادلة وأقول العادلة وأكررها، لأننا لم نشاهدها حتى الآن في الاكتتابات الماضية، الفرصة العادلة مطلوبة لذوي الدخل المحدود، وأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة.
 كيف يتم ذلك؟
تعمل “سابك” مع وكيل الاكتتاب على أن يحصل المكتتبون الصغار، من خمسة آلاف ريال إلى عشرة آلاف ريال – مثلاً – على كامل الأسهم المكتتب بها، وتطبق هذه المعادلة صعوداً بالتدرج إلى رؤوس الأموال الكبيرة.
تتدخل “سابك” لمنع التسهيلات الكبيرة التي تمنحها المصارف لأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة في الاكتتابات، والتي تحد من فرص ذوي الدخل المحدود، وتحد من أحلام تحسين أوضاعهم الاقتصادية.
تمنع “سابك” الشخصيات الاعتبارية من شركات مساهمة وصناديق مصارف من الاكتتاب، لفتح مجال أكبر لذوي الدخل المحدود.
بهذا النهج يمكن لـ “سابك” التي غيرت واقع الصناعة في المملكة العربية السعودية أن تسهم في تغيير واقع اجتماعي اقتصادي لا نرى أمامنا بصيص أمل في تغييره، على رغم اعترافنا بواقع الفقر في بلادنا، وغداً بعون الله تعالى نكمل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.