(نظرية «البلاهة»)

هل يعقل أن الولايات المتحدة الأميركية بجهازها الاستخباري الضخم لم تعلم عن تحركات مجموعات مدججة بالسلاح على الحدود العراقية؟ أميركا التي تتنصت على الأشخاص حتى في وسائل التواصل الاجتماعي بشهادة جنديها الهارب إدوارد سنودن! أميركا التي تلاحق الإرهاب منذ التسعينات وتشفر المكالمات حتى تصطاد أسماء تطير في الفضاء!

بالطبع هذا لا يمكن الاقتناع به إلا في حال تأجير الفهم لنظرية «البلاهة». صديقي «أبو محمد» يرى أن هذه النظرية بديل مناسب لنظرية المؤامرة، بمعنى أن على المرء أن يختار بين النظريتين لتفسير الأحداث.

وأتذكر أنه عند الاستعدادات الغربية لتسويق «اللبن والعسل الديموقراطي» عند احتلال العراق، جرت عملية إعلامية مركزة لوصم كل من يتساءل ويبحث ويبدي دهشته، حيث اتهم هؤلاء بالإيمان بنظرية المؤامرة، حتى أصبح ذلك مثل الوصفة المستعجلة التي يعطيك إياها طبيب تجاري. وما يحدث في العراق نتاج للاحتلال الأميركي الذي هشم بلاد الرافدين، وأيضاً لما سمي الربيع العربي، هذه الخلطة العجيبة التي لم تستفد منها سوى إسرائيل وإيران برعاية ومباركة غربية – أميركية.

ولكل منهما أسباب موضوعية، الاحتلال مكنت منه سياسات صدام الخرقاء، والربيع العربي نتيجة الفساد والاستبداد طوال عقود، لكن، من استثمر هذه الأرض الخصبة، من جنى المحصول؟

في العراق تنكشف الأوراق، فمن الذي يحمي دكتاتوراً اتفقت كل الأطراف السياسية العراقية التي جاء بها بوش وبريمر على طغيانه وطائفيته، إنها أميركا، واشنطن من يحمي هذا الدكتاتور، وهي حماية لنظام طائفي تمت زراعته بمؤامرة «ديموقراطية!». برز رأس جبل الجليد أما ما تحته أو ما يتوقع إنتاجه مما يحدث الآن، فهو يتلخص في إعادة «الاعتبار» لإيران إقليمياً. يتم فك الحصار العسكري والسياسي عنها قبل تهاوي ما تبقى من حصار اقتصادي.

صديقي صاحب نظرية «البلاهة» موقن أن أميركا تتلاعب بالجميع في المنطقة وأنا متفق معه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.