ما بقي من «الربيع»!

يقال في الأمثال «أمر دبر بليل»، إشارة إلى مكيدة أو مؤامرة كان المستهدف غافلاً عنها فيما كان المتآمرون يخططون، والليل في زمن ظهور المثل العربي الشهير ليل حقيقي حالك الظلام، لا كهرباء ولا إنارة ولا اتصالات أو وسائل تجسس، لكننا فيما يحصل للعالم العربي أمام «أمر دبر بنهار»، بل إن هذا التدبير معلن وتم تناوله بالنقاش والتحليل طوال سنوات بالصوت والصورة وخرائط التقسيم الملونة.

هل العرب أمة لا تقرأ؟ بالتأكيد الجواب بالنفي، لكن جانب عمق الوعي بما ينشر ويقرأ يطول الحديث عنه. العرب أمة لا تخطط ولا تستبق الأحداث، إنها أمة إلى الركون أقرب، والعاطفة إذا غلبت على أمة تجعلها تعيش على ردود الفعل، ويمكن التلاعب بحشودها مثل برادة الحديد كلما استخدم المغناطيس المناسب.

كانت الفوضى الخلاقة معلنة، وكان مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير معلناً هو الآخر، بل تم لتسويق الأخير عقد مؤتمرات دولية تلونت بالاقتصاد، ولم تكن المداخل والثغرات غامضة أو صعبة على الكشف، والعمل على إصلاحها كان أيضاً في المتناول، فلماذا وقع العرب في هذا الفخ؟ وأقول العرب لأن أوطانهم ومواردهم حطب هذا الحريق، ولأنهم أمة مستهدفة، فحتى الدين الإسلامي الذي ظهر فيهم وحملوا لواءه في أرجاء المعمورة ليرفعهم وسط الأمم، جاء في هذا الزمان من يدعي الدفاع عنه من رؤساء الغرب والشرق، تصريحات للاستهلاك ولمزيد من خلط الأوراق. اندفعت الموجة المدمرة تحت عباءة الحاجات، والحقوق والحريات، مخفية تحت إبطها الطائفية وملفات الأقليات، كان الهدف الحقيقي الهدم لا البناء، واكتشف المواطن العربي أنه ليس كل ما يلمع ذهباً، وتبين أن سحابة الربيع كانت سحابة حمضية حارقة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.